قالت نوعا لازيمي، على موقع معهد مسجاف لبحوث الأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، في 4 أغسطس 2025، إن تحذير جماعة الحوثي أخيرًا -بأن أي سفينة مملوكة لشركة لها علاقات تجارية مع إسرائيل، بصرف النظر عن جنسيتها أو وجهتها النهائية، قد تكون هدفًا للهجوم، يعد تصعيدًا في تهديدات الجماعة اليمنية.
قالت لازيمي إن توقيت التصعيد الحالي ليس عشوائيًا، إنما هو تعبير عن العواقب الوخيمة الناجمة عن ضعف المجتمع الدولي في مواجهة الجماعات الإرهابية. تُكافئ الدول الأوروبية حماس وينشرون شعارات حملة التجويع الزائفة على كل منصة ممكنة، بينما تتجاهل تمامًا المجاعة الوحيدة الحاصلة فعليًا -وهي تجويع المخطوفين، ويتزايد دعم الإرهاب عبر إعلان الاعتراف بدولة فلسطينية -وإن كان رمزيًا فحسب -إذ لا تملك الجمعية العامة صلاحية إقامة دولة -وهو ما يمنح حماس قوة إضافية لتعزيز موقفها، ورفض أية تنازلات في المفاوضات مع إسرائيل.
هذه الرسائل لا تقتصر على غزة فحسب، بل يتردد صداها بقوة في صنعاء أيضًا. يرى الحوثيون، الذين ينشطون بدعم إيراني، في الأجواء المعادية لإسرائيل أرضًا خصبة لتعزيز مكانتهم المحلية والإقليمية، ويرون في الموقف الدولي الداعم لحماس وانتقاد إسرائيل حافزًا لتكثيف أنشطتهم، بدعوى التضامن مع الشعب الفلسطيني. لهذا السبب، ورغم وقف إطلاق النار الذي عقدوه مع ترامب في مايو، وانتهكوه أخيرًا بإغراق سفينتين يونانيتين، فإنهم يمثلون مجددًا تهديدًا حقيقيًا لحرية الملاحة الدولية.
بغض النظر عن الدوافع الأيديولوجية والدينية، فإن ارتباط الحوثيين بالفلسطينيين (وإيران) يُساعدهم على تحقيق أهدافهم داخليًا وخارجيًا. داخليًا، يسعى الحوثيون إلى تقديم أنفسهم على أنهم في طليعة الصراع الفلسطيني الذي يستهدف إسرائيل، بهدف درء الانتقادات الموجهة إليهم بسبب استمرار الأزمة اليمنية، وتحسين صورتهم السلبية. لتحقيق هذه الغاية، يوظفون آليات دعائية، مثل بثّ مسيرات حاشدة في ذكرى أحداث 7 أكتوبر عبر قناة “المسيرة” الحوثية.
على الصعيد الإقليمي، يُسهم انخراطهم في حرب السيوف الحديدية (طوفان الأقصى)، سواءً بتعطيل حرية الملاحة في البحر الأحمر أو شن هجمات مباشرة على إسرائيل، في ترسيخ مكانتهم باعتبارهم فاعلًا مؤثرًا يجب أخذ رأيه بعين الاعتبار. لذلك، يحرص الحوثيون في كل منعطف مهم، بدءًا من وقف إطلاق النار في لبنان، إلى الحرب مع إيران، وخاصةً التطورات المتعلقة بغزة، إلى إيصال صوتهم، وفي بعض الحالات أصوات ضجيج صواريخهم، تأكيدًا على جديتهم. تعزز هجمات الحوثيين أيضًا من قوة الردع تجاه السعودية والإمارات، ومن ثم ضمان ألا تتخذ الرياض وأبو ظبي تدابير يترتب عليها تحركات ضد الجماعة، تُضعف سيطرتها على اليمن.
سيواصل الحوثيون ركوب موجة دعم حماس، وتوظيف القضية الفلسطينية لأغراض دعائية، واكتساب شرعية داخلية، ونفوذ إقليمي، وما دام المجتمع الدولي مستمر في غض الطرف عن الممارسات الفلسطينية، فإن ذلك لا يُقوض جهود إسرائيل لهزيمة حماس وإعادة الرهائن فحسب، بل يُعزز الحوثيين أيضًا، ويحفزهم على تكثيف هجماتهم.
خلاصة القول، لا تقتصر تداعيات التراجع أمام حماس على حدود غزة، بل تؤدي إلى تصعيد في بؤر صراع أخرى بالمنطقة. ينبغي للغرب أن يعي خطر تهديد الحوثيين، ويدرس بعناية اتخاذ رد فعل صارم -كما ألمح السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، بشأن إمكانية استخدام قاذفات بي-2 في اليمن.
في سياق متصل، قال المراسل العسكري للقناة «14»، هيليل بيتون روزين، في 5 أغسطس 2025، إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى الاستعداد لعمل عسكري يستهدف جماعة الحوثي، ولكن هذه المرة ستكون الهجمات قوية حتى تثنيهم عن إزعاج إسرائيل، وقال مسؤول أمني إن إسرائيل سوف تكبد الحوثيين خسائر فادحة بغض النظر عن غزة أو أي جهة أخرى، وأن الحوثيين حاليًا لديهم قدرات لتصنيع وتطوير صواريخ باليستية. كما تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن جماعة الحوثي لم يتبقَّ لديها سوى عشرات الصواريخ الباليستية، وهذا يضعهم في موقف حرج.
أحمد الديب
باحث في الشأن الإسرائيلي
إسرائيل أوهمت قادة الحوثيين بغياب معلومات استخباراتية عن مواقعهم - مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية
https://sanaacenter.org/ar/translations/25471
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق