الاثنين، 31 مايو 2021

قريب بعيد: التهديد الحوثي على إسرائيل

في خضم التطورات العسكرية الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، سلطت وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية الضوء على اليمن، خصوصًا جماعة الحوثيين المسلحة التي صارت مصدر تهديد حسب مزاعم صحف إسرائيلية.


وركزت التقارير الإسرائيلية على التهديد الحوثي على إسرائيل في ظل ندرة المعلومات حول الجماعة المسلحة، كما أعاد بعذ المختصين ربط التطور العسكري لحركة حماس بما حدث للحوثيين الذين يخوضون حربًا في اليمن للعام السادس، محاولين فرض سيطرتهم على عموم محافظات اليمن.


كما احتلت الذكرى الحادية والعشرين لإعادة توحيد اليمن حيزًا في وسائل الإعلام الإسرائيلية.


وكجزء من اهتمامات مركز صنعاء للدراسات، والمقاربات الإقليمية التي يقدمها، يترجم المركز بشكل دوري ومستمر أبرز التقارير والمقالات التحليلية التي تناولت الأحداث في اليمن.


قريب بعيد: التهديد الحوثي على إسرائيل

نشر أري هيستين[1] وإليشع ستوين تقريرًا مطولًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تناولا فيه التهديد الحوثي على إسرائيل، مشيرين إلى أن القيادات الأمنية في إسرائيل تشعر بقدر كبير من الإحراج عند دراستهم التهديد الحوثي. حيث يدور الحديث على أنها ساحة مواجهة بعيدة، وغير مألوفة على الإطلاق، وتوجد في أقصى القدرات العملياتية والاستخبارية للمؤسسة الدفاعية. كما أن الحوثيين لهم خصائص غامضة تجمع بين أنماط هجينة تتراوح من قدرات ميليشيا شبه كرتونية تقريبًا (ترتدي الصنادل والجلابيات) إلى القدرات العسكرية الحقيقية المتقدمة التي ترتكز عليها الدولة.


أولًا: نهج الحوثيين الاستراتيجي تجاه إسرائيل

نظرًا لأن نطاق القدرات العسكرية للتنظيم آخذ في الازدياد، وفي الوقت ذاته يظهر اهتمامه المتزايد بالقضايا الإقليمية، فإن هذا الأمر زاد من وتيرة السؤال: ما نهجهم الاستراتيجي تجاه إسرائيل؟


1. الحوثيون باعتبارهم فاعل محلي وإقليمي

يوجد على المستوى المحلي بعض الأدلة على زيادة الصراعات داخل التنظيم نفسه وبين التنظيم واليمنيين.[2] يسلط تقرير نشره موقع ACLED (مشروع بيانات موقع وحدث النزاع المسلح) الضوء على المنافسة الداخلية المتزايدة بين قادة الحوثيين.


كشفت بيانات ACLED الموثقة أن الصراعات الداخلية في صفوف الحوثيين وصلت إلى ذروة جديدة عام 2020.[3] على عكس العقد السابق، حيث كان انتشار الجماعة يعتمد على الروابط الأسرية والتوافق معها[4]. في الآونة الأخيرة، اشتدت الخلافات الداخلية بين الحوثيين، ووصلت أحيانًا إلى استخدام العنف.


يبدو أن الحوثيين أو قادتهم على الأقل لديهم طموحات إقليمية مهمة. على سبيل المثال، أعلنت إذاعة الحوثيين سام إف إم عام 2019 أنها جمعت حوالي 300 ألف دولار لدعم حزب الله في لبنان في وقت كانت الجماعة تواجه صعوبات في الميزانية. تحرك الحوثيون من أجل إطلاق سراح سجناء حماس من سجون السعودية مقابل إطلاقهم سراح طيارين سعوديين. قد يكون هذا مرتبطًا بمحاولة الحوثيين إظهار الالتزام بالنضال الفلسطيني.[5]


2. ما يكمن وراء شعار الحوثيين

يمكن القول إن شعار الحوثيين “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، يمثل نهج التنظيم إزاء إسرائيل وهو معادٍ وسلبي للغاية، لكن مسألة ما إذا كان أو كيف يُنفذ هذا النهج عمليًّا فإنه يتطلب توضيحًا.


جاء في تقرير لمؤسسة RAND عام 2010: “السياق الأصلي للشعار بالنسبة لحسين الحوثي هو نوع من نداء المعركة التي كان يأمل من خلالها استغلال المشاعر المعادية لأمريكا، وفي الوقت ذاته يمنح مؤيديه وسيلة للتعارف مع بعضهم البعض حتى في حالة غيابه …”.[6]


3. لماذا لم يتحرك الحوثيون ضد إسرائيل بعد؟

يمكن إرجاع عدم اتخاذ جماعة الحوثيين المتطرفة، التي تتبنى سياسة معادية لإسرائيل، قرار عدم التحرك نحو إسرائيل إلى عدة تفسيرات محتملة:


الردع: من الممكن أن يخشى الحوثيون رد إسرائيل المحتمل على هجومهم.

الأولوية/ التوقيت: ليس من المستبعد أن يكون الحوثيون قد قرروا تجميد القضية الإسرائيلية في الوقت الحالي لتخصيص الموارد المحدودة المتاحة لهم في النزاعات المستمرة المتورطون فيها فعليًّا، ومنها الحرب الأهلية اليمنية، وحربهم ضد التحالف بقيادة السعودية.

الخطاب: يمكن استخدام الخطاب المعادي لإسرائيل لحشد الدعم وصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية في اليمن، لكن قيادة الحوثيين ليس لديها مصلحة حقيقية في التصرف وفقًا لبياناتها.

القدرات: تبعد إسرائيل حوالي ألفي كيلومتر عن ساحة الحوثيين الرئيسية، لذا فإن فتح جبهة على مثل هذه المسافات الطويلة قد تكون مهمة صعبة إلى حد ما نظرًا لاستجابة أنظمة الإنذار المبكر الإسرائيلية والتغلب على القدرات الدفاعية الإسرائيلية.

في الواقع، حتى الآن وجه الحوثيون هجماتهم بشكل أساسي ضد القوات الموالية للحكومة اليمنية والدول المتورطة بشكل مباشر في الحرب الأهلية اليمنية. الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو محاولة مهاجمة سفن USS Mason وUSS Ponce قبالة سواحل اليمن عام 2016.[7]


4. كيف يمكن أن يتغير موقف الحوثيين تجاه إسرائيل؟

من المهم دراسة العوامل التي تعزز ميل قيادة الحوثيين لمهاجمة إسرائيل. ومنها:


زيادة مستوى التوتر والاحتكاك بين إسرائيل وإيران.

تشير التقديرات إلى أن الحوثيين قد يسعون بعد انتهاء الصراع إلى الحفاظ على الاحتكاك المستمر مع إسرائيل، حيث يخدم ذلك هدفين رئيسيين: أولًا، يحافظون على مكانتهم في “محور المقاومة” ويعزز تبرير وجودهم؛ ثانيًّا، يوفر لهم ذريعة لتطوير قدراتهم العسكرية ومنع تفكيك قواتهم.

يرى الحوثيون التصعيد في إحدى الساحات الأخرى التي تتعامل معها إسرائيل، سواء في لبنان أو سوريا أو قطاع غزة، لحظة مناسبة لإثبات التزامهم بالأهداف الأيديولوجية المعلنة. قد يفعلون ذلك لأسباب دعائية، ولتعزيز التضامن مع “محور المقاومة”، أو دعم “النضال الفلسطيني”.

يحاول الحوثيون استنفاد جهد إسرائيل لثنيهم عن مواصلة دعم التحالف الذي تقوده السعودية.

أن تبادر إسرائيل بالهجوم على قوات الحوثيين في إطار عمل وقائي ضد التعزيزات العسكرية للجماعة، ربما في محاولة لإعادة خلق “الحرب بين الحروب” في السياق اليمني.

يجب التأكيد على أن مسألة النهج الاستراتيجي للحوثي تجاه إسرائيل مهم بالفعل، لذلك، يجب التعامل معها على أنها نوع من “الغموض”. حتى زعيم الحوثيين “عبد الملك الحوثي” نفسه لا يستطيع التأكد من كيفية القيام بجهوده في السياق الإسرائيلي.


ثانيًّا: القدرات العملياتية وأساليب عمل الحوثيين

1. صواريخ كروز بعيدة المدى وطائرات مسيّرة هجومية وصواريخ باليستية

إن أكثر التهديدات الملموسة لإسرائيل من الحوثيين هو بلا شك قدرة الأخيرين المؤكدة على تنفيذ هجمات بعيدة المدى باستخدام صواريخ كروز، والطائرات المسيّرة المهاجمة، والصواريخ الباليستية. عند مراقبة قدرات الحوثيين على استخدام هذه النيران يظهر أن إمكانية تحقيق هذا النوع من التهديد لإسرائيل وارد، ولكنه محدودة للغاية، ويتطلب من الحوثيين عند شنهم هجومًا على إسرائيل استخدام صواريخ أو طائرات مسيّرة قادرة على الوصول إلى مدى لا يقل عن 1600 كيلومتر.


يبدو أن التهديد الرئيسي لإسرائيل في هذه المرحلة هو صواريخ كروز من عائلة Soumar الإيرانية، والتي يبلغ مداها حوالي ألفي كيلومتر ويزن نصف طن، وخاصة الإصدارات المختلفة لهذا الصاروخ مثل Hoveyzeh. يدور الحديث عن أن صاروخ كروز قادر على ضرب مسافات تبلغ حوالي 1350 كيلومتر في رحلة جوية منخفضة، مما يجعل من الصعب تحديد موقعه واعتراضه. نفذ الحوثيون هجمات من هذا النوع على أهداف في السعودية والإمارات، وهو دليل على القدرة في شن هجمات مماثلة على إسرائيل وقت الضرورة.

في هذا السياق، يجب الإشارة إلى صاروخ حوثي جديد نسبيًّا وهو قدس-2، لم يُكشف عن أول استخدام له إلا مؤخرًا عندما هاجم منشآت أرامكو بالقرب من جدة ورأس تنورة (مارس 2021) في السعودية والمواقع القريبة من جدة (نوفمبر 2020). عنصر آخر من القوة النارية بعيدة المدى للحوثيين هو الطائرات المسيّرة، مسلحة بقنابل للهجمات جو-أرض أو تستخدم كسلاح متنقل.[8] يمتلك الحوثيون ترسانة كبيرة من الطائرات المسيّرة التي تشمل طرازات Samad طويلة المدى. واستخدمتها الجماعة في شن هجمات بعيدة المدى عام 2018 (أبو ظبي) و2019 (الرياض). ومع ذلك، فإن استخدام 3-Samad بمدى تشغيلي يبلغ 1800 كيلومتر (وهو ما يكفي نظريًّا لمهاجمة إسرائيل) لن يتسبب إلا في أضرار محدودة للبنية التحتية الإسرائيلية، بالنظر إلى وزن الرأس القتالي الصغير نسبيًّا (حوالي 45 كجم فقط).[9]


كشفت الصناعات العسكرية الحوثية في مارس 2021 عن نموذج 4-Samad الذي يزعمون أن مداها الأقصى يبلغ ألفي كيلومتر، وقادر على حمل قذيفتين صغيرتين، وفي نفس الحدث قدم الحوثيون أيضًا طائرة “وعيد” المسيّرة [10]، ويبدو أنها بمدى يبلغ 2500 كيلومتر.[11] تشير هذه التطورات الحديثة إلى إمكانية حدوث قفزة محتملة في ترسانة الأسلحة لدى جماعة الحوثيين ويمكنها مهاجمة إسرائيل.


وفي السياق ذاته، ذكر الباحثان أنه حتى لو تمكنت إحدى الطائرات المسيّرة من إصابة البنية التحتية الإسرائيلية، سوف تتسبب بأضرار محدودة؛ بسبب الوزن الصغير نسبيًّا للرأس الحربي. لزيادة تأثيره وجعل أمر اعتراضه أكثر صعوبة قد يحاول الحوثيون تنفيذ الهجوم باستخدام عدة طائرات مسيّرة في وقت واحد[12]. هناك أيضًا احتمال أن يحاول الحوثيون تنفيذ خطة عملياتية أكثر تعقيدًا وهى إطلاق العديد من الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز في وقت واحد على إسرائيل.


على عكس البنود السابقة، يُلاحظ فيما يتعلق بتهديد الصواريخ الباليستية الحوثية غياب قدرات مستقلة مؤكدة في هذه المرحلة. يبدو أن اختيار الصواريخ ذات الصلة بهذه المهمة Burkan-3 يعود إلى الاعتماد على صواريخ Qiam/Shiab الإيرانية. في هذه المرحلة، أثبتت هذه الصواريخ قدرتها القصوى[13] لمدى تشغيل يصل إلى 1200 كيلومتر. تجدر الإشارة إلى أنه من الناحية العملية، أُنشئ صاروخ في هذه النسخة من تصغير الرأس الحربي لبركان H2 بغرض توسيع المدى، ولذا فهذه ليست النسخة الحوثية القائمة على قدرة إيرانية أكثر تقدمًا. وبالتالي، يكمن القلق الرئيسي في إمكانية حصول الحوثيين على قدرات باليستية إيرانية أكثر تقدمًا (مثل صواريخ شهاب المتطورة ذات المدى الأكبر) التي ستكون قادرة على الوصول إلى إسرائيل.

في النهاية، قد يسمح الحوثيون في المستقبل للحرس الثوري بإطلاق صواريخ كروز إيرانية متطورة أو طائرات مسيّرة أو صواريخ باليستية من الأراضي اليمنية، وقد يتحقق هذا السيناريو إذا سعت طهران لمهاجمة إسرائيل دون تحمل المسؤولية المباشرة عن الهجوم.


2. التهديد البحري

يوجد تهديد ملموس آخر على الأمن القومي الإسرائيلي وهو احتمال مهاجمة الحوثيين السفن التي تبحر في ممرات النقل البحري على طول مضيق باب المندب، على شواطئ البحر الأحمر أو في خليج عدن. يبدو أن الحوثيين لديهم القدرة على إحداث أضرار واسعة النطاق لعمليات السفن في المنطقة، وعرقلة الإمدادات العالمية عبر قناة السويس، وإلحاق الضرر بنظام نقل النفط ورفع فوائد التأمين. علاوة على ذلك، قد تتخذ الجماعة التجارة البحرية الإقليمية “رهينة” لممارسة الضغط على إسرائيل بشأن القضايا السياسية المتنازع عليها.


على الرغم من أن هذا السيناريو ممكن تنفيذه تقنيًّا، إلا أن فرص نجاحه منخفضة؛ تعزيز حرية الحركة (حول باب المندب) في هذا الطريق البحري الحرج يُعد هدفًا مهمًّا لعدد متزايد من فرق العمل البحرية العاملة في المنطقة (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين ومصر). ومن هنا تأتي قدرة الحوثيين المحدودة على تعطيل النقل البحري أو إلحاق أضرار جسيمة بالشحن العالمي.


بدلًا من ذلك، إذا ركز الحوثيون جهودهم على الساحة البحرية في خلق تهديد عملياتي مباشر لإسرائيل، فسوف يحتاجون إلى القدرة على مهاجمة السفن التي حُددت بطريقة ما على أنها تابعة لإسرائيل. وللقيام بذلك، سيتعيّن على الحوثيين الاختيار من بين مجموعة متنوعة من الخيارات، وكلها معيبة:


لا شك أن الهجوم على سفينة تابعة للبحرية الإسرائيلية يعد هدفًا أوليًّا، لكنه نادر جدًا في المناطق التي يمكن للحوثيين الوصول إليها، كما أنها أيضًا ليست فريسة سهلة؛ لأنها تمتلك القدرة على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات المحتملة.

هناك حوالي 300 سفينة بحرية تجارية مملوكة لشركات إسرائيلية في العالم، معظمها لا تبحر على طول الساحل اليمني، وهي ترفع أعلام الملاءمة (راية السفينة) التي قد تخفي مصدرها وتجعل الأمر صعبًا للتعرف على مملوكيها.[14]

يتطلب هذا النوع من العمل مهاجمة سفن غير إسرائيلية، أي إحداث أضرار دقيقة للسفن الأجنبية المتجهة نحو إسرائيل (ومعظمها مملوكة للصين على الأرجح).[15]

وفيما يتعلق بالقدرات التشغيلية الفعلية، لدى الحوثيين ترسانة صواريخ شاطئية من عدة طرازات:


صواريخ Styx السوفيتية قديمة الطراز (هذا صاروخ من الخمسينيات يبلغ مداه حوالي 40 كيلومترًا، ويبلغ وزن رأسه الحربي حوالي نصف طن).

سلسلة الصواريخ الصينية C-801 وترقيتها إلى C-802 الأكثر تقدمًا التي تحمل في نسختها الإيرانية اسم Noor (بمدى يصل إلى 180 كيلومترًا، ويزن رأسه الحربي حوالي 165 كيلو جرامًا) وربما تتضمن أيضًا الإصدار المحلي من الصاروخ التابع لهذه المجموعة ويدعى al-Mandab-1.

عززت وحدات بحرية ماهرة من الحوثيين القدرات الصاروخية على شاطئ البحر. يمكن لهذه الوحدات القيام بمهمات للسيطرة على السفن في وسط البحر كما حدث عندما تم اختطاف السفن السعودية والكورية الجنوبية (تعمل على بعد 33 كيلومترًا من الساحل) قبالة السواحل اليمنية في نوفمبر 2019. أو مهمات هجومية في اتجاهات مختلفة: الاقتراب وإطلاق أسلحة مضادة للدبابات، على غرار الهجوم على ناقلة Muskie MT (مايو 2017). هناك احتمالية أيضًا أن يقوم الكوماندوز البحري الحوثي بتنفيذ عمليات تخريب ولصق الألغام، على غرار المخطط الذي تم تنفيذه (فبراير 2021)، على ما يبدو من عناصر مرتبطة بإيران ضد السفينة المملوكة لإسرائيل إم في هيليوس راي.


بالإضافة إلى ذلك، فإن الحوثيين قادرون على إحداث أضرار كبيرة وموجهة للسفن الإسرائيلية من خلال تشغيل سفينة انتحارية يتم التحكم فيها عن بعد تمامًا كما تعرضت الفرقاطة السعودية Al Madinah (يناير 2017).


التهديد البحري الآخر الذي يستخدمه الحوثيون بالفعل هو زرع ألغام بحرية في مناطق بالقرب من مضيق باب المندب. عام 2017 سُجلت 15 حادثة تلغيم مختلفة منسوبة للحوثيين على طول شريط ساحلي بطول 100 كيلومتر في اليمن بين موانئ ميدي وميناء المخا القريب من مصر (في بعض الحالات أفاد البعض أن إيران من زودتهم بالألغام).[16]


تضاءل هذا التهديد في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، بفضل مجموعة متنوعة من التدابير لتحسين سلامة الحركة البحرية في المنطقة ومنها عمليات إزالة الألغام البحرية التي تقوم بها الأساطيل الأجنبية العاملة في المنطقة، والبحرية السعودية. رغم قدرة الحوثيين على تنفيذ المزيد من عمليات زرع الألغام البحرية لتعطيل طرق التجارة في المنطقة، فإن تحقيق هذا التهديد للسفن الإسرائيلية يبدو معقدًا للغاية وغير واقعي.[17]


3. العمليات في الخارج

البعد الآخر الذي يستحق الدراسة من حيث قدرات الحوثيين هو قدرتهم على تنفيذ أعمال إرهابية في الداخل الإسرائيلي أو في الضفة الغربية أو على حدود قطاع غزة أو ضد أهداف يهودية أو إسرائيلية في الخارج.


طابع الحوثيين باعتبارهم مليشيا عنيفة، فإن مسار عملهم لا يشبه التنظيم الإرهابي الدولي الكلاسيكي. حتى الآن ركزت المنظمة على النشاط المحلي ونفذت عددًا قليلًا للغاية من العمليات غير الجوية/ غير البحرية خارج اليمن. يشير تحليل لهجمات الحوثيين إلى أنهم نفذوا حوالي 300 هجوم فقط خارج اليمن (جميعها تقريبًا في السعودية) من بين حوالي 2800 هجوم عامي 2012 و2019.[18] لا يوجد دليل على استعداد الحوثيين لاستثمار الوقت والموارد في إنشاء بنية تحتية تمكّن من الانتقال إلى استراتيجية الإرهاب الدولي (باستثناء السعودية).


ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال “ترقية” الجماعة من خلال بناء شبكة إرهابية دولية في المستقبل.


يدور الحديث حول نسخة يمنية لتهديد كبير يُعرف في المنطقة باسم “الرواسب النشطة”. يسلط هذا المصطلح الضوء على إشكالية المستقبل لعشرات الآلاف من المقاتلين الحوثيين الذين انخرطوا بفاعلية في الحرب الأهلية منذ عام 2014 أو حتى منذ عام 2004، وخضعوا لتلقين عقائدي راديكالي، وتلقوا تدريبات عسكرية، واكتسبوا خبرة عملية ولكنهم أهملوا أيضًا إمكانية تنمية مهن مدنية، ولم يتلقوا التعليم المناسب، وتخلوا عن عائلاتهم، وفي بعض الحالات ارتكبوا جرائم أو شركاء فيها. سيكون من الصعب إن لم يكن مستحيلًا بالنسبة لآلاف من هؤلاء المحاربين العودة إلى روتين الحياة وسوق العمل البائس بعد سنوات في ساحة المعركة، وبدون آليات إعادة تأهيل مناسبة، قد يجدون أنفسهم يتجولون بين نزاعات مختلفة ويقدمون خدماتهم بأي ثمن بما في ذلك المنظمات المعادية لإسرائيل.


4. الاحتكاك غير المباشر

إحدى التأثيرات المهمة الأخيرة هي المساعدة الحوثية المحتملة في بناء قوة النظام المنافس، مع التركيز على دعم الحوثيين للمنظمات الفلسطينية في قطاع غزة. وهكذا، في الماضي (في الفترة 2014-2017 على الأقل) انتشرت تقارير[19] حول احتمال استخدام إيران للحوثيين -باعتبارهم جزءًا من البنية التحتية- لتزويد حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين بالأسلحة. سيكون تكثيف النشاط على هذا المحور ممكنًا إذا استُخدم لنقل فائض أسلحة الحوثيين إلى القطاع (على سبيل المثال في السيناريوهات التي سيتم فيها تقليص حجم القتال في اليمن بشكل أكبر) أو في حال تمويل الإيرانيين أسلحة متطورة للفلسطينيين من إنتاج الصناعة العسكرية الحوثية.


قد تبدي العناصر المسلحة في قطاع غزة اهتمامًا كبيرًا بأن تتلقى من الحوثيين أنظمة مختلفة مضادة للدبابات (فجوة كبيرة في قطاع غزة)، وطائرات دون طيار، وربما صواريخ أو معدات دقيقة للصواريخ التكتيكية، وكذلك صواريخ شاطئ البحر. إضافة إلى ذلك، من الممكن أن يذهب النشطاء في قطاع غزة إلى معسكرات تدريب في اليمن (ربما أيضًا معسكرات الحوثيين) لمجموعة واسعة من التدريبات العسكرية. يجب التأكيد على أن تحقيق هذا السيناريو قد يوفر للحوثيين من جهة قناة ملائمة لتحقيق تطلعاتهم الأيديولوجية المناهضة للصهيونية، والموالية للفلسطينيين، ومن جهة أخرى يوفر لهم مكاسب اقتصادية كبيرة، دون المخاطرة في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.


 


الحوثيون في اليمن ينضمون إلى الجبهة “المعادية لإسرائيل”

قال سيث جي فرانتزمان في صحيفة جيروزاليم بوست إنه لطالما كان للحوثيين في اليمن شعار رسمي معاد للسامية. ومع ذلك، كانت في الماضي مجرد أقوال أكثر منها تهديدات فعلية للدولة اليهودية؛ نظرًا لأن الحوثيين على بُعد عدة آلاف من الكيلومترات.


وقال فرانتزمان إن هذه الحسابات قد تغيرت خلال السنوات الأخيرة؛ حيث حصل الحوثيون من إيران على تكنولوجيا متطورة من الطائرات دون طيار والصواريخ. وهم على اتصال متزايد بحزب الله، والحرس الثوري في إيران، وكذلك مع الميليشيات الموالية لإيران في العراق.


الزعيم الحوثي يظهر على لوحات إعلانية في يوم القدس الإيراني، وهو يساعد في تحرير القدس. كما يجمع الحوثيون التبرعات لـ“المقاومة” في بلد يُعد أحد أفقر دول العالم. قد يكون حديث الحوثيين للانضمام إلى “المقاومة” مجرد كلام، لكن يمكن أن يكون له تداعيات حقيقية. على مدى العامين الماضيين، كانت هناك تقارير متزايدة تتحدث عن تهديدات الحوثيين، ومنها تهديدات لإيلات في جنوب إسرائيل.


الصورة الأوسع هي أيضًا أن الحوثيين قد يكون لهم دور في العراق مع وجود الميليشيات الموالية لإيران، هناك تهديد أوسع على إسرائيل عبر سوريا وفي الارتباط بحزب الله. إذا أرادت إيران تنسيق الهجمات على إسرائيل، مثل التهديدات التي يتعرض لها الشحن الإسرائيلي التي حذر منها الحرس الثوري الإيراني، فإن الحوثيين هم عنوان طبيعي.


 


الحوثيون يهددون بالانضمام عسكريًّا لتنظيم حماس والجهاد الإسلامي

قال يوني بن مناحيم[20] إن من المحتمل حصول حماس على مساعدات عسكرية من الحوثيين. إن المسؤولين الأمنيين في إسرائيل لا يستبعدون هذا الاحتمال، لكن الأمر يعتمد على تلقّي “الضوء الأخضر” من إيران التي تنسق بشكل كامل مع حماس والجهاد الإسلامي، ومتورطة في الهجوم الصاروخي على إسرائيل.


كما إنهم لا يستبعدون أن يكون تهديد الحوثيين لأغراض الحرب النفسية ضد إسرائيل، وتشجيع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على مواصلة إطلاق الصواريخ على إسرائيل.


وفي سياق متصل، قال بن مناحيم في المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة إن الطائرات دون طيار التي تملكها حماس هي تطور إيراني، لكنها ليست متطورة مثل الطائرات الحوثية في اليمن التي تستهدف السعودية بشكل فعّال للغاية. تحاول إيران تهريب هذه المعرفة التكنولوجية إلى مهندسي الجناح العسكري لحماس.


 


في ذكرى الوحدة: باحث إسرائيلي يدعو إلى دعم الانفصال لمواجهة الحوثيين

عقد موقع “عين أوروبية على التطرف” ندوة حول اليمن وإيران والسياسة الأمريكية وشارك فيها عوفيد لوبيل[21] وأري هيستين، وفاطمة أبو الأسرار[22].


استهل “عوفيد لوبيل” حديثه بالإشارة إلى أن التغطية الإعلامية الغربية لحرب اليمن كانت مضللة للغاية؛ حيث ركزت على التحالف بقيادة السعودية والدعم الأمريكي. وأن سياسة الولايات المتحدة في الوقت الحاضر منفصلة عن الواقع.


ويفترض “لوبيل” فرضية لتوضيح هذه المسألة: في عام 2014، بعد إعلان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عن الخلافة، إذا تخيل المرء أن الولايات المتحدة ترسل مبعوثًا إلى زعيم داعش “أبو بكر البغدادي” وتتخلى عن استخدام القوة، حينها ستعرف الخطأ الذي حدث في تغطية وسياسة اليمن. الحوثيون غائبون عن الصورة، ومع ذلك فهم “جماعة جهادية لا هوادة فيها أيديولوجيًّا وتحاول إقامة دولة إسلامية، وفي المناطق التي يسيطرون عليها، في جمهوريتهم الإسلامية الوليدة، قاموا بمضاهاة تنظيم داعش في الوحشية”.


يقول “لوبيل” إن السردية التي تفيد بأن السعوديين خلقوا في الواقع “حزب الله” اليمني من خلال إجبار الحوثيين على الانخراط في أحضان إيران بدافع الخوف، هي “غير صحيحة”.


ويستطرد “لوبيل”: “تعود الروابط بين الحوثيين وإيران إلى [الثورة الإيرانية] عام 1979”. لقد ذهب مؤسسو جماعة الحوثيين إلى إيران عام 1979، وتواصلوا مع المرشد الأعلى الإيراني آية الله الخميني، ثم تبنّوا أيديولوجية ولاية الفقيه، عند عودتهم إلى اليمن، حيث قاموا بغرسها طوال فترة الثمانينيات، بتوجيه نشط من النظام الإيراني.


بعد نشوء الحوثيين ومساعدتهم على إنشاء جناح مسلح، دفعتهم إيران عام 2004 إلى “شن الجهاد”، ويوضح لوبيل: أن الحرب الحالية هي مجرد امتداد لذلك. هذه الحرب لم تبدأ في 2015 ولم تبدأ بسبب التدخل السعودي، والعلاقة بين الحوثيين وإيران ليست نتيجة لهذا التدخل.


لقد شهد المسؤولون الأمريكيون أن السعوديين يشاركون في محادثات سلام بشأن اليمن بحسن نية خلاف الحوثيين. يلاحظ لوبيل أن الحوثيين يواصلون التوسع في كل فرصة يحصلون عليها؛ لأن رؤيتهم هي تدمير جميع أعداء إيران، بدءًا من إقامة حكم حصري في اليمن، ثم التوسع في السعودية واحتلال المدن المقدسة في مكة والمدينة، وفي نهاية المطاف عن طريق دفع كل الطريق حتى ساحل شبه الجزيرة العربية للتخلص من الدولة اليهودية والسيطرة على القدس.


فيما يتعلق بالحصار على اليمن. يشير لوبيل إلى أن هذا الحصار لا يقيّد وصول الغذاء والدواء، وكلها تدخل البلاد. بعبارة أخرى، إن خطط إغراق البلاد بالمساعدات لن تخفف من حدة المعاناة في ظل غياب تغييرات على المستوى السياسي. المشكلة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، كما أشار مسؤولو الأمم المتحدة، أن “هذه الدولة البوليسية الحوثية تسرق بشكل أساسي كل المساعدات، وتتأكد من وصولها إلى الموالين لها بدلًا من الأشخاص الذين يحتاجون إليها، وهذه هي المشكلة الإنسانية الأساسية في الوقت الحالي”.


قال “لوبيل”، عندما سُئل عن الكيفية التي يجب أن تتغير بها السياسة الغربية في المستقبل، إن أحد الملفات هو التوقف عن التعامل مع الحوثيين دبلوماسيًّا بهذه الشروط، إنه أسوأ من كونه لا طائل من ورائه، فهو يضفي الشرعية على الجماعة، ويساعد على ترسيخ قوتها، وينسحب ذلك على النفوذ الإيراني في اليمن.


في السياق ذاته، اتفق “آري هيستين” حديثه بالقول إنه يتفق مع “لوبيل” على أن الحوثيين يتشابهون بالتأكيد مع داعش “من حيث راديكالية الأيديولوجية، التطرف”، لكن “الحوثيين لديهم أسلحة أفضل بكثير من داعش … لا توجد فرق سوى أن الحوثيين يحظون بدعم إيران، بينما الجميع ضد داعش”.


على نطاق أوسع، قال هيستين إنه لا يرى سوى مستقبلين واقعيين لليمن: توحيد الدولة في ظل الحوثيين أو التقسيم. “شخصيًا، أعتقد، بالنظر إلى ما نعرفه عن الوضع على الأرض في اليمن، ينبغي لإسرائيل أن تفكر في دعم -ربما بهدوء- تقسيم اليمن”. وأضاف، “أعتقد أن وجود دولة متمردة لها شرعية يمثل تحديًّا أكثر من التعامل مع دولة مارقة يعرف العالم أنها دولة غير شرعية”.


في هذا السياق، قد يكون المجلس الانتقالي الجنوبي “شريكًا مفيدًا لتعزيز الاستقرار في موقع استراتيجي”، كما يقول هيستين: “يبدو أن انتماء المجلس الانتقالي للإمارات يُعد مؤشرًا قويًّا على أنه يميل إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي”.


واقترح هيستين أن تقديم بعض الدعم للمجلس الانتقالي يمكن أن يكون وسيلة لإنشاء سلطة يمنية بديلة قد تقوض -بمرور الوقت- الحوثيين بقوة مماثلة.


ويتفق كل من لوبيل وهيستين على أن الضغط على السعودية لتقليص عملياتها غير مُجدي، لا سيما مع اقتراب الحوثيين من مدينة مأرب؛ السعوديون هم فقط من يمنعون تقدم الحوثيين.


 


الحوار السعودي الإيراني: هل نحن بصدد تغيير استراتيجي؟

نشر يوئيل جوجنسكي[23] و سيما شين[24] تقريرًا في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أشارا فيه إلى اجتماعات بين ممثلين من إيران والسعودية، وكذلك بين إيران ومصر والإمارات والأردن، برعاية رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي”.


ولفت الباحثان إلى أن السعودية منزعجة من زخم إيران في اليمن وإنجازاتها في سوريا والعراق ولبنان. فيما تنظر إيران إلى السعودية باعتبارها منافس وعامل رئيسي في تشجيع السياسة الأمريكية ضدها. وترى في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين تطورًا سلبيًّا بالنسبة لها، وتقدر أنه على الرغم من عدم وجود تطور علني مماثل في العلاقات مع السعودية، إلا أن هناك علاقات سرية، وخاصة استخباراتية بينها وبين إسرائيل.


وأرجع الباحثان تسريع السعودية وتيرة إجراء تعديلات في السياسية الخارجية التي شملت اتفاق المصالحة مع قطر في يناير 2021، واتفاقية وقف إطلاق النار مع الحوثيين في مارس 2021، والحوار مع إيران إلى التغيير في نهج البيت الأبيض، سواء نحو حليف الولايات المتحدة -السعودية، أم منافستها- إيران.


وأضافا أن سبب سعي السعودية للحوار مع إيران هو قلق الرياض من نضج المفاوضات بين واشنطن وإيران؛ لأنها ستعزز مكانة إيران الإقليمية مما سيؤثر على مكانتها ونفوذها. وكذلك ضرورة إنهاء الصراع في اليمن الذي يكبدها خسائر وخاصة صورتها السياسية.


وذكرا أن إيران تنظر إلى التسوية في العلاقات مع الرياض على أنها تساهم في الحد من عواقب التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، وتخفف أجواء الصراع في الخليج وتحسين وضعها الإقليمي. كل ذلك يتماشى مع السياسة الإيرانية المعلنة، على أن القضايا الإقليمية يجب أن تناقش فقط بين العناصر الإقليمية.


وقالا إن الحوار بين السعودية وإيران، على افتراض استمراره وتقدمه، سيكون تطورًا مهمًّا جدًا، وسوف تستغله إيران أيضًا لتحسين موقعها في الحوار مع واشنطن؛ بهدف رفع العقوبات عنها، وتحسين وضعها الاقتصادي.


وأشار الباحثان إلى صعوبة تقييم فرص نجاح هذه المرحلة الأولية من الاتصالات، ولو حدثت تسوية في العلاقات بين السعودية وإيران فلن تكون جوهرية؛ لأن الرواسب السلبية لكلا الجانبين عميقة، ولم تختف الأسباب الجذرية للعداء، كما أن الظروف المتغيرة في المنطقة تدفع كلا الجانبين إلى التوتر حتى لو انخفضت حدتها جزئيًّا على الأقل. التنافس، هو عنصر بارز في الهندسة الإقليمية، ومصدر الخلافات الجيوسياسية وينطوي على جوانب أيديولوجية. ينعكس التنافس على النفوذ الإقليمي بشكل رئيسي على الصراع في مختلف الساحات، من خلال حلفاء ومبعوثين ينوبون عنها.


وأوصى الباحثان بضرورة ألا ينبغي أن يشكل مجرد وجود حوار سعودي إيراني تغييرًا استراتيجيًّا في الاتجاه المبدئي لتحسين العلاقات مع إسرائيل، حيث إن بعض دول الخليج لديها علاقات رسمية وغير رسمية مع إسرائيل بالتوازي مع علاقاتها مع إيران. وفي الوقت ذاته فإن التقارب الإيراني السعودي الحقيقي سيشكل شرخًا مهمًّا على الجبهة المعادية لإيران التي سعت إسرائيل إلى تقديمه.


 


إيران تعرض على السعودية تسويق منتجاتها النفطية مقابل وقف إطلاق النار

قال إيال بينكو[25] في موقع عنيان مركزي إن إيران تسعى لإقناع السعودية بمساعدتها في بيع النفط الخام الإيراني للأسواق الدولية مقابل الحد من هجمات الحوثيين على البنية التحتية النفطية السعودية.


ولفت “بينكو” إلى أن إيران عرضت، خلال محادثات مايو، بيع النفط للسعوديين بسعر أقل من الأسعار العالمية، شريطة أن يبيعه السعوديون في الأسواق العالمية “بطريقتهم الخاصة”. ولا يُعرف ما تم الاتفاق عليه بين الدول خلال المفاوضات، لكن على ما يبدو هناك تقدم حقيقي.


وأضاف أن إيران تبذل قصارى جهدها لخلق وضع يكون لها فيه اليد العليا في المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى العظمى، ولا تتردد في خلق ضغوط سياسية واقتصادية، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية والاتصالات الدبلوماسية، والحصول على مساعدات من الصين، وعلى ما يبدو حتى إشعال الشرق الأوسط بأكمله، بتورطها السري في أعمال الشغب في إسرائيل وإطلاق حماس الصواريخ عليها.


 


الهوامش


زميل باحث، المساعد الخاص لرئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي. تتركز أبحاثه حول سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والاستراتيجية الإسرائيلية فيما يتعلق بإيران والحرب في اليمن.

https://twitter.com/Ndawsari/status/1370784445859561476?s=20

https://acleddata.com/2021/02/09/the-myth-of-stability-infighting-and-repression-in-houthi-controlled-territories/

https://www.rand.org/pubs/monographs/MG962.html

https://www.al-monitor.com/originals/2021/01/yemen-houthis-release-saudi-palestinian-hamas-prisoners.html

https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2010/RAND_MG962.pdf

https://fas.org/sgp/crs/mideast/IN10599.pdf

تعتمد هذه المعلومة على التقرير التالي: Ian Williams, Shaan Shaikh, “The Missile War in Yemen,” CSIS, June 2020.

تعد الطائرات المسيّرة من طراز قاصف من أكثر الأسلحة أهمية بالنسبة للمسافات التكتيكية.

https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/08929882.2020.1846279?journalCode=gsgs20

استُخدم هذا النوع من الطائرات المسيّرة بالفعل خلال الهجوم على منشآت أرامكو في سبتمبر 2019، ولكن على الرغم من تحمّل الحوثيين مسؤولية الهجوم إلا أن من المرجح أن إيران هي من نفذته.

من المفارقات أن هذه الطائرة المسيّرة شوهدت أول مرة في إيران 2017 وهى على ما يبدو نسخة محلية من الطائرة (Harpy) التي أنتجتها الصناعات الجوية الإسرائيلية.

الصواريخ الباليستية الأخرى مثل: Qaher, Badr ليست ذات صلة بهذه النطاقات.

https://dryadglobal.com/how-much-do-the-houthis-threaten-red-sea-shipping/

قد تؤدي الهجمات على السفن المملوكة للصين إلى تعقيد الحوثيين بسبب الاعتماد الاقتصادي الكبير لرعاتهم الإيرانيين على الصين.

https://www.idc.ac.il/he/research/ips/documents/publication/2/redseabasinshaulshay25_9_17.pdf

https://www.idc.ac.il/he/research/ips/documents/publication/2/redseabasinshaulshay25_9_17.pdf

من الضروري التمييز بين الأعمال العدائية التي تتضمن نشاطًا عسكريًّا والأعمال الإرهابية، ولذلك اختار الكاتبان تصنيفها وفقًا لموقعها.

https://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-5050735,00.html

إعلامي اسرائيلي. ولد في القدس في عام 1957. والتحق بسلاح المخابرات في الجيش الإسرائيلي. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا في صوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتُمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.

محلل سياسي في مجلس الشؤون الأسترالية/ الإسرائيلية واليهودية (AIJAC)، يركز بحثه على التفاعل الجيوستراتيجي لإيران وروسيا وإسرائيل وتركيا في الشرق الأوسط. نشر في شهر مارس على موقع “عين أوروبية على التطرف” تقريرًا معمقًا قام بفحص الأساطير التي أحاطت علاقة إيران بحركة الحوثي وأطاحت بها.

باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط (MEI)، تتخصص في الحركات الشيعية العابرة للأوطان. تناول أحدث تحليل لها استراتيجية الحوثيين وسط تحول في سياسة الولايات المتحدة.

زميل باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، تتركز أبحاثه حول سياسات الخليج والأمن. كان زميلًا زائرًا في معهد هوفر ستانفورد. خدم في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في مكتب رئيس الوزراء، ونسق العمل بشأن إيران والخليج تحت إشراف أربعة مستشارين للأمن القومي وثلاثة رؤساء وزراء. وهو حاليًّا مستشار لعدة وزارات.

رئيسة برنامج إيران في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي. استقالت “شين” من وزارة الشؤون الاستراتيجية، حيث شغلت منصب نائب الرئيس التنفيذي والمسؤولة عن الملف الإيراني بين الأعوام (2009- 2015). قضت “شين” معظم سنواتها المهنية في الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. تولّت آخر منصب لها رئاسة قسم الأبحاث في الاستخبارات في الموساد (2003- 2007).

خدم حوالي 30 سنة في الجيش الإسرائيلي، وفي مناصب رفيعة عملياتية واستخباراتية بالأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي. وأدار مشاريع تطوير تكنولوجيا معقدة. وهو باحث ومحاضر في مجال الاستراتيجية العسكرية والاستخبارات والحرب الإلكترونية. وتناولت أطروحته للدكتوراه الحرب العسكرية غير المتكافئة، والاستراتيجية العسكرية. كما يعمل باحثًا ومحاضرًا في عدة مراكز بحثية استراتيجية حول العالم.


قريب بعيد: التهديد الحوثي على إسرائيل | مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية

https://sanaacenter.org/ar/translations/14307

السبت، 8 مايو 2021

معركة مأرب: نقطة تحول في الحرب الأهلية اليمنية؟

 معركة مأرب: نقطة تحول في الحرب الأهلية اليمنية؟

نشر عوزي روبين[1] مقالًا مطولًا في معهد القدس للاستراتيجية والأمن حول المعركة بين الحكومة المعترف بها دوليًّا والتحالف بقيادة السعودية من جهة والحوثيين المدعومين من إيران من جهة أخرى. وقال إن سيطرة الحوثيين على مأرب يعني سيطرتهم على اليمن بأكمله، كما أن عواقب هذه الحرب ستكون مصيرية على مستقبل الشرق الأوسط بأسره، إذ ستسيطر إيران على ممر الشحن البحري في مضيق باب المندب، طريق إسرائيل الجنوبية للتجارة العالمية.


تعد محافظة مأرب أغنى محافظة نفطية في اليمن. دفعت الثروة الطبيعية للمحافظة وقربها الجغرافي من العاصمة صنعاء الحوثيين للسيطرة عليها للمرة الأولى عام 2015، وبعد فشلهم شنوا حرب استنزاف ضد قوات الحكومة اليمنية، والتحالف السعودي في مأرب من خلال الهجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة.


وأرجع روبين قرار الحوثيين بالانتقال من حرب استنزاف لهجوم بري إلى صعود الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة، حيث ألغى على الفور قرار سلفه دونالد ترامب بتصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية، كما دعا إلى إنهاء الحرب ووقف الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية السعودية في اليمن.


تطرق روبين إلى دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط تفيد بأن قوات الحوثيين المشاركة في معركة مأرب تضم حشودًا هائلة من المجندين الشباب المدربين جزئيًا ويتقدمهم ضباط، وضباط صف ذوي خبرة. ونظرًا لأن العامل الرئيسي في الدفاع عن المدينة والمحافظة هو القوات الجوية السعودية وطائراتها المسيّرة، فإن الحوثيين يشنون في الوقت نفسه حملة قوية؛ لتقويض وشل قدراتها من خلال مهاجمة قواعدها جنوب السعودية بمساعدة أسطول الطائرات المسيّرة المتزايد من شهر لآخر. علاوة على ذلك، يرافق جهود الحوثيين لقمع قدرات القوات الجوية السعودية هجوم استراتيجي متسارع على منشآت صناعة النفط السعودية في أعماق المملكة لتفريق جهود الدفاع الجوي من المنطقة الجنوبية الغربية إلى السعودية كلها.


وقال روبين إن نتائج الهجمات الحوثية المكثفة على السعودية محدودة للغاية حتى الآن، كما أن العدد الإجمالي للضحايا منخفض جدًا، والأضرار المادية قليلة. ولم تُعرقل حتى الآن صادرات النفط المنتظمة أو تتسبب في ارتفاع أسعار الطاقة بالأسواق العالمية.


وعزا روبين السبب وراء القلة النسبية لأضرار الهجمات الأخيرة إلى تحسين القدرة الدفاعية للقوات الجوية السعودية.


وقال روبين إن من السمات البارزة للضربات الجوية في الفترة الأخيرة التي شنها الحوثيون هى تفضيلهم استخدام الطائرات المسيّرة بطيئة الحركة التي تحركها المراوح عن الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والقذائف. يبدو أن هذا التفضيل يرجع أساسًا لاستغلال الضعف الحالي لأنظمة الدفاع الجوي السعودية القديمة نوعًا ما في قدرتها على اكتشاف الأهداف الجوية المنخفضة والبطيئة.


دروس لإسرائيل


قال روبين إن المعركة على مأرب لم تنته بعد، لكن أحد الدروس المستفادة منها واضح بالفعل: حيث تولي العقيدة العسكرية الإيرانية أولوية مساوية للطائرات دون طيار الدقيقة عن الصواريخ الباليستية أو حتى أعلى منها، وتعتمد على صعوبة أنظمة الدفاع الجوية-الأرضية من الجيل السابق في تحديد موقع واعتراض الطائرات التي تحلق ببطء، وعلى علو منخفض.


يبدو أن السعوديين نجحوا في احتواء هجوم طائرات الحوثيين المسيّرة بمساعدة أنظمة محمولة جوًا: طائرات إنذار تعمل بالاشتراك مع طائرات مقاتلة ثقيلة متعددة الأغراض، معظمها من طراز F15، وهذه الأنظمة تستخدم في سلاح الطيران الإسرائيلي أيضًا. عند تحديد ملامح الحروب المتوقعة لإسرائيل، ستكون أنظمة طائرات الإنذار ومجموعة الطائرات المقاتلة المسيرة الموارد القيمة المطلوبة للحفاظ على التفوق الجوي، وتنفيذ العمليات الهجومية.


التداعيات الاستراتيجية


قال روبين إن سيطرة الحوثيين على مدينة مأرب، سيكون نصرًا استراتيجيًّا حقيقيًّا يقربهم من الانتصار في الحرب الأهلية، ويوفر لهم موارد الطاقة. الإنجاز العسكري ذاته سيبعث رسالة قوة لا توصف يمكن أن تقلل بشكل كبير من دافع السعودية للمشاركة في الحرب إلى جانب حكومة هادي، مما يفتح المجال أمام الحوثيين السيطرة على اليمن بأكملها. أكثر من ذلك، أعلنت الإدارة الأمريكية الحالية وقف دعمها للجهود العسكرية السعودية لاحتواء الحوثيين.


سيكون الانتصار على مأرب إنجازًا استراتيجيًا من الدرجة الأولى لإيران وأتباعها من الحوثيين، وهو إنجاز سيلقي بظلاله على جميع التحركات الدبلوماسية في المنطقة سواء على مستقبل اليمن أو على القضايا الإقليمية الأخرى. قد تؤدي سياسة الرئيس بايدن التصالحية تجاه الحوثيين إلى استمرار الحرب في اليمن كله -اليمن الشمالي الذي أصبح بالفعل في قبضة الحوثيين، وصحراء اليمن التي ما تزال تسيطر عليها قوات هادي والتحالف العربي- وسيطرتهم عليها، واليمن الموحّد يصبح مقاطعة أخرى من “الإمبراطورية الإسلامية الإيرانية” التي تتشكل جنبًا إلى جنب مع لبنان والعراق، وربما سوريا أيضًا في المستقبل.


يميل الغرب إلى اعتبار الحرب الأهلية في اليمن في الأساس مأساة إنسانية، وهناك قدر كبير من الصدق في ذلك. ومع ذلك، بالإضافة إلى البعد المأساوي، فإن الحرب الأهلية في اليمن لها أيضًا بُعد استراتيجي من الدرجة الأولى. إذا استمر الغرب في تجاهل البعد الاستراتيجي للصراع في اليمن، فقد يعرّض أمن الغرب نفسه للخطر في المستقبل غير البعيد.


 لا ينبغي الاستخفاف بتورط إيران في اليمن

نشر المحلل السياسي الإماراتي سالم الكتبي[2] مقالًا في صحيفة إسرائيل اليوم أشار فيه إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لا تضع أزمات الشرق الأوسط ضمن أولويتها القصوى. ويرجع ذلك جزئيًّا إلى تركيزها على القضايا الداخلية.


الرئيس بايدن يدرك جيدًا العلاقة بين استقرار اليمن وسيطرة “آيات الله” الإيرانية على ذلك البلد العربي. وتعليقات المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، بمثابة اعتراف واضح وصريح بدور “آيات الله” في تأجيج الأزمة اليمنية من خلال دعم حركة الحوثيين.


أخبر ليندركينغ لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب أن “دعم إيران للحوثيين مهم للغاية وقاتل” وأنه يساعدهم على “ضبط” برامج الطائرات دون طيار والصواريخ. ولا أرى أي مؤشر على أن إيران تدعم الحل السياسي في اليمن، وما أراه هو استمرار إيران في مساعدة وتحريض الحوثيين حتى يواصلوا مهاجمة السعودية، وللأسف زادت هذه الهجمات بشدة الشهرين الماضيين.


فيما يتعلق بتورط إيران في الحرب اليمنية، قال اللواء رستم قاسمي، المساعد الاقتصادي لقائد الحرس الثوري الإيراني، في حديث خاص لـ RT، إن الحرس الثوري الإيراني قدم أسلحة للحوثيين عند اندلاع الحرب في اليمن. كما درب عناصر من هذه القوات على تصنيع الأسلحة. وهذا يعد اعترافًا إيرانيًّا بمساعدة صناعة أسلحة الحوثيين بالتكنولوجيا الإيرانية وتقديم ما تقول إنه دعم عسكري محدود. هذا الاعتراف النادر لم يكن اعتباطيًّا. لقد جاء في وقت حرج. ويسعى “آيات الله” للعب هذا الدور، والاستفادة منه أكثر في “الصفقات” التي يتم التفاوض عليها مع القوى الإقليمية والدولية.


اعتراف المسؤول الإيراني بالدور العسكري المحدود لإيران في اليمن وحقيقة اقتصاره حاليًّا على الاستشارات العسكرية، لا يقلّل من حدته وتأثيراته. ولم يقل أحد إن الحرس الثوري الإيراني كان يقاتل حقيقة ضمن صفوف الحوثيين. لم يفتقر الحوثيون إلى الأرقام، بل المواد والمعدات وهذا ما قدمه “آيات الله” ومستمرون في تقديمه من خلال التهريب، والمساعدة في تصنيع الأسلحة، والمتفجرات، والقائمة تطول.


لا يختلف أحد مع ما يقوله الجنرال قاسمي حول نقل تكنولوجيا التصنيع العسكري من إيران إلى الحوثيين. يعرف “آيات الله” مدى خطورة هذه التكنولوجيا عندما تكون في الأيدي الخطأ. لذلك إذا اتفقنا على أن هذه الأسلحة مصنوعة في اليمن، فذلك يعني أنه بالإضافة إلى الحفاظ على سرية المعدات والتكنولوجيا، فإن عملية التصنيع في مراحلها الحساسة تتم بالكامل تحت إشراف إيراني في اليمن في جميع مراحلها، نظرًا لسهولة نقل حركة المعدات والخبراء الإيرانيين بمختلف الوسائل.


وجود إشارات وتلميحات ضمنية حول دور نظام “آيات الله” في حرب اليمن، وآخرها ما قاله وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في مقابلة مع تلفزيون برس تي في الإيراني في مارس، إن إيران “لم تتلقَ أي اقتراح لإنهاء دعم طهران للحوثيين مقابل إنهاء دعم واشنطن لعمليات التحالف في اليمن”. وتساءل: “هل يمكن مقارنة الدعم المقدم للحوثيين بدعم الرياض وأبو ظبي؟”


“آيات الله” يتعمدون الكشف عن دورهم في اليمن الآن؛ لاستخدامه كورقة تفاوض، إما بالحصول على تنازلات أمريكية في برنامج إيران النووي، أو من خلال ترسيخ نفسها كطرف رئيسي في جهود حل الأزمة اليمنية من أجل تأمين المصالح الاستراتيجية التي تقود انخراطها في الصراع.


ومع ذلك، على الرغم من كل المشاكل والتعقيدات، لا ينبغي مكافأة “آيات الله” بعد اعترافهم الصريح بالتورط المباشر في حرب اليمن. إذا كان هذا الإقرار يعني شيئًا، فهو مسؤوليتهم المشتركة المباشرة عن الهجمات على المنشآت المدنية والنفطية في السعودية، مع كل ما يقتضيه القانون الدولي.


تزايد خطر الصواريخ الدقيقة الإيرانية

قال يوني بن مناحيم[3] في موقع نيوز وان الإسرائيلي إن إسرائيل وواشنطن اتفقتا على تكوين فريق مشترك للعمل معًا؛ لبلورة سبل التعامل مع خطر الصواريخ الدقيقة، والطائرات المسيّرة المصنوعة في إيران التي تنقلها إلى وكلائها في الشرق الأوسط: حزب الله في لبنان، والمليشيات الإيرانية في سوريا، وجماعة الحوثيين المسلحة في اليمن.


وذكر بن مناحيم أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي “مئير بن شبات” توصل إلى تفاهم مهم مع نظيره الأمريكي “جاك سوليفان” في واشنطن خلال المحادثات هذا الأسبوع. واتفقا على أن سلوك إيران العدواني يشكل تهديدًا كبيرًا للمنطقة.


ولفت إلى أن الأمريكيين يشعرون بقلق بالغ إزاء القدرات الصاروخية الدقيقة، وقدرات الطائرات المسيّرة المفخخة، وطويلة المدى التي يطلقها الحوثيون يوميًّا باتجاه السعودية ومنشآت أرامكو النفطية. وأوضح أن الهجوم الذي شنه الحوثيون في 14 سبتمبر 2019، على أكبر مصفاة في العالم التابعة لشركة أرامكو في أبقيق بالسعودية، وتسلل الصاروخ السوري من طراز S5 للأجواء الجوية الإسرائيلية، ووصوله إلى منطقة ديمونة الأسبوع الماضي زاد من خطر تهديد الصواريخ الإيرانية لإسرائيل، وفقًا لمصادر أمنية رفيعة.


وقال بن مناحيم إن فشل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في اعتراض الصاروخ السوري بمثابة تحذير شديد لإسرائيل فيما يتعلق بقدرتها العملياتية على اعتراض مئات الصواريخ الدقيقة التي ستطلقها سوريا ولبنان وإيران واليمن نحو إسرائيل.


يفيد تقرير للبنتاجون أن إيران لديها ثلاثة آلاف صاروخ باليستي دقيق بنطاقات مختلفة. تهدد هذه الصواريخ الولايات المتحدة وحلفاءها. وتشكل هذه الصواريخ تهديدًا مباشرًا للقواعد الأمريكية في الخليج، وللقواعد العسكرية والمنشآت الاستراتيجية في إسرائيل.


وقال بن مناحيم إن إسرائيل قلقة للغاية من ترسانة الصواريخ البالستية الدقيقة في إيران، كما أن التهديد النووي الإيراني يعد خطرًا وجوديًّا على إسرائيل. إدارة بايدن لا تعتزم حاليًا، بحسب شخصيات سياسية بارزة، اتخاذ أي إجراءات عسكرية للتعامل مع خطر الصواريخ الباليستية التي تمتلكها إيران وحلفاؤها، كما أن جهودها في إنهاء الحرب باليمن لم تتكلل بالنجاح، ويواصل الحوثيون مهاجمة السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.


إيران قد تهاجم مفاعل ديمونة من اليمن وليس من سوريا

قال الخبير العسكري الإسرائيلي أمير بار شالوم[4] في موقع “زمن إسرائيل” إن الاعتقاد الذي ساد بلا شك خلال الدقائق الأولى من التعرف على الصاروخ السوري فوق سماء النقب، هو سيناريو الانتقام الإيراني، حيث الهجوم على مفاعل ديمونة الإسرائيلي مقابل مفاعل نظنز الإيراني، وما يدل على ذلك، فشل محاولة الاعتراض، والصمت الإسرائيلي الذي استمر عدة ساعات.


ليس من المستبعد أنه على الرغم من الجهد الاستخباري الذي يجري على قدم وساق في الساعات التي تلت الإطلاق، وصلت رسالة من سوريا مفادها أنه لا توجد نية لمهاجمة ديمونة.


وقال بار شالوم إن إدارة الأسد سواءً مرَّرت الرسالة عبر روسيا أو كانت تفاهمًا إسرائيليًّا على أساس المعلومات الاستخباراتية -أو كليهما- فإن رد الجيش الإسرائيلي يشير إلى عدم كسر قواعد اللعبة بل انتهكها السوريون بطريقة غير مخطط لها.


وأشار بار شالوم إلى أن هذا المنطق واضح أيضًا للإيرانيين. ستؤدي مهاجمة هدف استراتيجي في إسرائيل من الأراضي السورية إلى أضرار جسيمة وواسعة النطاق ليس فقط للمؤسسات والسلطات السورية ولكن أيضًا للأهداف الإيرانية، التي لا تريد إسرائيل بالضرورة مهاجمتها على الرغم من ارتفاع مستوى النيران الحالي.


بعبارة أخرى، تدرك إيران أن الثمن الباهظ الذي ستدفعه مقابل الهجوم من سوريا ضرره أكثر من نفعه، ويعرض للخطر الهدف الاستراتيجي المتمثل في وضع القوات الإيرانية على الحدود الإسرائيلية السورية.


لذلك ووفقًا لهذا المنطق، إذا اتخذت إيران قرار بمهاجمة مفاعل ديمونة، فمن المرجح تنفيذه من اليمن. لقد نشرت هناك بطاريات صواريخ أرض-أرض دقيقة إلى جانب أسراب من الطائرات المسيّرة، ووضعت مقدراتها في قبضة الحوثيين. وتنطلق كل صباح، حسبما تبث الأخبار، نحو أهداف سعودية.


تتسبب قوة النيران الحوثية في مفارقة النوم أعين السعوديين لفترة طويلة، ولهذا وقعوا اتفاقية دفاع مع اليونان. ويتضمن جزء من الاتفاق نشر بطاريات صواريخ باتريوت تابعة للجيش اليوناني على الأراضي السعودية.


وذكر بار شالوم أن تداعيات الإطلاق من اليمن يعني عدم المخاطرة بإنجاز إيراني حقيقي -مثل الإنجاز في سوريا- والحفاظ على مبدأ استخدام مبعوث دون أن تضطر طهران إلى دفع ثمن مباشر.


علاوة على ذلك، فإن هجومًا إيرانيًّا من اليمن يقلل من نطاق خيارات الرد الإسرائيلي مقارنةً بسوريا، إمَّا بسبب المسافة أو بسبب التغطية الاستخباراتية.


جنود سوريون يقاتلون في صفوف الحوثيين ضد السعودية في اليمن

ذكر موقع تيك دبكا الاستخباراتي أن مئات الجنود السوريين المنتمين إلى المليشيا الشيعية الإيرانية يقاتلون في صفوف الحوثيين ضد السعودية في اليمن، بعد أن دربهم الحرس الثوري الإيراني.


وأشار إلى أن الفوج الأولى من الجنود السوريين المنتمين إلى “لواء الفاطميين” عاد من اليمن الأيام الأخيرة بعد قتال استمر عدة أشهر في صفوف الحوثيين ضد الجيش السعودي. والمقاتلون من منطقة الراكة، ودير الزور، وحمص.


في الوقت نفسه، غادر مطار دمشق الدولي 300 مقاتل آخرين تابعين لنفس اللواء في طريقهم إلى اليمن في الأيام الأخيرة، لينضموا إلى الحوثيين. تلقى هؤلاء الجنود تدريبات خاصة من مدربين تابعين للحرس الثوري الإيراني في معسكرات بجوار مدينة تدمر والبوكمال.


استغلال الحوثيين نظام التعليم لتجنيد الأطفال في الحرب

قال “نيطع بار” الصحفي والمحلل في صحيفة إسرائيل اليوم إن الحوثيين في اليمن ارتكبوا العديد من الفظائع خلال حكمهم المستمر، منها المعاملة المشينة للنساء والأقليات، لكن ما كُشف عنه الآن هو كيفية استغلال الحوثيين نظام التعليم لتجنيد أطفال المدارس الابتدائية لأدوار قتالية.


أظهر مقطع فيديو كشفت عنه قناة “العربية”، كيف يقيم طلاب في مدرسة بالعاصمة صنعاء عرضًا مسرحيًّا يدعو الأطفال بطريقة واضحة للتعبئة في الجبهة والقتال في صفوف نظام الحوثيين. وذكر نيطع بار أن هذا يعد سجلًا نادرًا لما يحدث داخل جدران نظام التعليم الذي يسيطر عليه الحوثيون، والذي يوفر آلاف الأطفال المقاتلين لخدمة التنظيم.


نشرت المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تعمل من سويسرا، تقريرًا يوضح بالتفصيل كيف يستخدم الحوثيون نظام التعليم والجمعيات الخيرية مثل دور الأيتام لتجنيد الأطفال في ساحة المعركة. وقدّرت المنظمة أن الحوثيين جندوا أكثر من 10300 طفل منذ عام 2014. قُتل وجُرح الآلاف منهم على جبهة القتال.


اعترفت قيادة الحوثيين سابقًا بتجنيد الأطفال في صفوف التنظيم، وفي عام 2012، تعهّد زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، خلال اجتماع مع ممثلي الأمم المتحدة، بدمج الأطفال المجندين بشكل تدريجي في نظام التعليم.


وصول قوات مارينز أمريكية إلى مطار الغيضة شرق اليمن

تناول المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة ما أفادت به وسائل إعلام يمنية عن وصول قوات مارينز أمريكية بينهم ضباط، إلى مطار الغيضة الدولي في محافظة المهرة الخاضعة للسيطرة السعودية وقوات التحالف. يدّعي المقال أن الهدف هو السيطرة باعتبارها جزء من خطة “أمريكية- بريطانية- صهيونية”.


وبحسب المصادر ذاتها، فإن هذا هو الوفد الثاني للقوات الأمريكية والبريطانية الذي يصل إلى المطار منذ مطلع يناير من العام الجاري، وأن القاعدة تتحول إلى قاعدة عسكرية.


وجود القوات الغربية في المنطقة كُشف عنه لأول مرة أثناء زيارة السفير الأمريكي في اليمن “كريستوفر هينزل” إلى المطار في ديسمبر من العام الماضي.


السعودية تمر بمحنة سياسية وإقليمية

قال يوني بن مناحيم[5] في موقع زمن الإسرائيلي إن السعودية تمر بمحنة سياسية وإقليمية، ولذا توجهت لقناة من التفاوض السري مع إيران بوساطة عراقية. تعزز سياسات إدارة بايدن مكانة إيران وتضعف السعودية ودولة الخليج. كما يجب على إسرائيل أن تقلق بسبب التغييرات الإقليمية.


وبحسب مصادر استخباراتية أجنبية، يمر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أقوى رجل في المملكة والمقدّر له أن يكون الملك المقبل، بضائقة سياسية وشخصية بالغة للغاية في مواجهة التطورات الأخيرة، وعزل السعودية.


وأشار بن مناحيم إلى محنة ولي العهد السعودي تنبع من عدة أسباب:


محمد بن سلمان غير مقبول لدى إدارة بايدن التي تتهمه بالمسؤولية عن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وانتهاك منهجي لحقوق الإنسان في السعودية.


تورط محمد بن سلمان في قضية المؤامرة ضد العاهل الأردني الملك عبدالله، في التخطيط لانقلاب ضد النظام الهاشمي.


أصبحت حرب السعودية ضد الحوثيين في اليمن الموالين لإيران أكثر تعقيدًا، فهي مستمرة منذ أكثر من 6 سنوات دون حسم مع تفوق واضح للحوثيين، وتحولت الحرب إلى كابوس داخلي ويومي في السعودية.


وجدت السعودية نفسها خارج المحادثات النووية، ولا يأخذ الرئيس بايدن في الاعتبار موقف السعودية، ويسارع في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.


يخشى محمد بن سلمان من تحرك علني للتطبيع مع إسرائيل، حيث يخشى الاضطرابات الداخلية في المملكة؛ بسبب إخفاقاته السياسية والعسكرية، وإمكانية أن تحاول إدارة بايدن منعه من أن يصبح الملك القادم.


المفاوضات السرية مع إيران

قال بن مناحيم إن محمد بن سلمان يحاول إنقاذ ما تبقى ويحاول على الأقل تحقيق إنجاز يحقق السلام للسعودية، مثل وقف الهجمات العسكرية الحوثية من اليمن على المدن السعودية ومنشآتها النفطية. لذلك توجه إلى القناة السرية مع إيران.


ضم الوفد السعودي ستة من كبار الشخصيات بينهم رئيس المخابرات العسكرية السعودي خالد الحميدان. وضم الوفد الإيراني خمسة أعضاء رفيعي المستوى، من بينهم اللواء علي شمخاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي، واللواء إسماعيل قاني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري. عُقد الاجتماع بموافقة المرشد الأعلى علي خامنئي، وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا على علم بسرية الاجتماع.


ولفت بن مناحيم إلى أن هذا اللقاء السري يمثل تحول في المنطقة، وأن إيران على وشك الخروج من أزمتها الاقتصادية والسياسية الكبرى. هذا التغيير سببه سياسة إدارة بايدن، التي تضغط للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 ومستعدة لرفع العقوبات عن إيران. السعودية قلقة للغاية وتتفاوض مع إيران من موقف ضعف. السعودية هي زعيمة دول الخليج وهي تعكس موقفها. 


يجب أن تشعر إسرائيل بالقلق أيضًا من التغييرات التي تعتري المنطقة، فهي لا تبشر بالخير لأمن إسرائيل.


هل إسرائيل صديقة للرياض؟

قال الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي والشرق الأوسطي “رامي دباس” في موقع تايمز أوف إسرائيل إن إبرام معاهدة سلام مع السعودية يعد حلقة مهمة في العملية غير المكتملة لـ”صفقة القرن”. لا يزال العديد من الخبراء يعتقدون أن الأمر يستحق المتابعة كما كان من قبل. لكن “مردخاي كيدار”[6] يقول في تقرير صدر مؤخرًا[7] سلط الضوء على عدد من نقاط الضعف في مثل هذه الاستراتيجية “بأنه ليس متأكدا من ذلك”.


وذكر كيدار أن إسرائيل يجب عليها أن تأخذ الهجمات على السعودية بمحمل الجد؛ لأن من يستطيع مهاجمة أهداف استراتيجية في السعودية بالصواريخ والطائرات المسيّرة يمكنه أن يضرب أهدافًا استراتيجية إسرائيلية بنفس القدر من النجاح.


وبحسب كيدار، فإن أهم استنتاج يجب على إسرائيل استخلاصه من الضربات على منشآت النفط السعودية هو أن الرياض غير قادرة على الدفاع عن نفسها بمفردها بشكل فعال، وينبغي على أي علاقة دبلوماسية مع السعودية أن تستند إلى هذه الحقيقة.


إن تطوير علاقة السعودية بإسرائيل يصب في مصلحة الأولى، لذلك لا داعي لإسرائيل للتضحية بمصالحها الحيوية من أجل العلاقات مع مملكة تخشى من ذكر اسم عدوها.


الليبرالية الجديدة والجوع في اليمن

كتب شموئيل لدرمان[8] في منتدى التفكير الإقليمي أن السعوديين أدركوا بعد مرور ست سنوات من بدء تدخل التحالف السعودي في الحرب الأهلية اليمنية أنهم غير قادرين على هزيمة المتمردين الحوثيين وأنهم يريدون إنهاء الحرب، ولكن حتى لو انتهت الحرب قريبًا، فإن التكلفة البشرية للتدخل السعودي باهظة بالفعل. وتشير التقديرات إلى أن الحرب أودت حتى الآن بحياة أكثر من 200 ألف يمني، معظمهم جراء المجاعة والمرض، إثر الحصار الذي فرضه السعوديون على اليمن منذ مرحلة مبكرة من الحرب. كما يتعرض عشرات الآلاف من اليمنيين لخطر الموت المباشر نتيجة عدم قدرتهم على الحصول على المواد الغذائية الأساسية، ويعاني ملايين الأطفال من سوء التغذية ومشاكل في النمو.


ومع ذلك، أدت الحرب والحصار السعودي إلى تفاقم مشكلة كانت موجودة في اليمن من قبل. لذلك، يجب فهم تداعيات الحرب في اليمن على خلفية التطورات التي بدأت قبل عقود، وخاصة على خلفية الاقتصاد السياسي اليمني منذ أواخر السبعينيات، عندما تحول ما يسمى بـ “النيوليبرالية” إلى أجندة اقتصادية وسياسية عالمية تروّج لها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمؤسسات المالية الدولية، مثل: البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي.


ونقطة البداية لفهم العلاقة بين السياسات النيوليبرالية المتبعة في اليمن والكارثة الإنسانية التي تحدث فيه هي حقيقة أن اليمن يستورد حاليًّا حوالي 75% من الحبوب المستهلكة، في حين استوردت عام 1970 حوالي 18٪ منها فقط، والباقي وفرته الزراعة المحلية، فكيف حدث هذا التغيير الحاسم؟


تزامن ظهور النيوليبرالية مع صعود الرئيس اليمني السابق “علي عبدالله صالح” إلى السلطة عام 1978. وكما حدث في العديد من الدول النامية الأخرى، قدم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مخططًا عامًا للرئيس صالح لما يسمى بالانتعاش الاقتصادي والتنمية، مقابل القروض والاستثمارات المطلوبة لليمن: فتح السوق اليمني للمنافسة، ووقف الدعم للمزارعين، إلى جانب المحاصيل الزراعية المخصصة للتصدير إلى الدول المجاورة، والأسواق الحضرية مثل: الفواكه، والخضروات على حساب الحبوب المستهلكة وما إلى ذلك.


أسفر ذلك، وفقًا للباحِثَين في الشأن اليمني مارثا موندي، وفريدريك بالت، إلى تقلّص مساحة الحقول التي تزرع المحاصيل في اليمن إلى النصف بين عامي 1975 و1990، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم قدرة المزارعين اليمنيين على منافسة القمح المدعوم الذي يأتي إلى اليمن من الولايات المتحدة وأوروبا. وبسبب تحول جزء مهم من القوى العاملة اليمنية للعمل في السعودية، بتشجيع من المؤسسات المالية الدولية، وبتشجيع من صالح نفسه، الذي أدرك فائدة هجرة ما يقرب من مليون شخص من القوى العاملة اليمنية؛ لتقليل القدرة على الاحتجاج ضد نظامه القمعي المركزي والفاسد.


جدير بالذكر أن سياسة “التكيّف الهيكلي” للاقتصاد اليمني مع الاقتصاد العالمي جرى تسريعها منذ منتصف التسعينيات، وطالب صندوق النقد الدولي من اليمن خفض الإنفاق العام مع الحد الأدنى من الرفاهية بشكل كبير، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. أدت هذه السياسة في نهاية المطاف إلى إثراء أقلية من المزارعين، ورجال الأعمال، والسياسيين، وخاصة المقربين من “صالح”، ومن سيطروا على استيراد وتوزيع المواد الغذائية في اليمن. وزادت هذه السياسة بشكل كبير من عدم المساواة، وتقليص قدرة اليمن المستقلة على إنتاج الغذاء. كما خلص “مندي وبالت” إلى أن: “الحالة اليمنية تقدم مثالًا شبه كاملًا على تأثيرات سياسة التنمية الدولية على الاقتصاد الزراعي وخاصة في الجزء الشمالي من اليمن الذي كان مستقل تقريبًا في زراعة الحبوب الأساسية حتى السبعينيات”.


تشير “موندي” إلى أن العديد من المتظاهرين الشباب حملوا خلال الربيع العربي في اليمن لافتات عليها صورة “إبراهيم الحمدي”، رئيس شمال قبل “صالح”، الذي اُغتيل في ظروف غامضة عام 1977. وعلى الرغم من ولادتهم بعد وفاته بفترة طويلة، إلا أن شخصية “الحمدي” مثلت لهم رؤية يمن موحد، خالٍ من الفساد والسطوة ليس فقط بالمعنى السياسي ولكن أيضًا بالمعنى الاقتصادي. رأى هؤلاء الشباب على الأقل العلاقة بين التبعية الاقتصادية لليمن على السوق العالمية والدول المجاورة -خاصة السعودية- واقتصادها المنهار، والفساد المستشري بها، وعدم قدرة كثير من اليمنيين على توفير الغذاء لأطفالهم.


كانت لهذا التبعية عواقب وخيمة، بالطبع، في أعقاب الحصار الذي فرضه التحالف السعودي في مارس 2015. لقد تضررت اليمن خلال الثلاثة عقود ونصف من الإصلاحات النيوليبرالية بشكل هائل؛ بسبب الحصار المفروض على الواردات الخارجية، خاصة عندما نفذته جارتها القوية المدعومة من نفس الدول التي قادت هذه الإصلاحات.


اليمن حالة واحدة من كثيرين، حتى وإن كانت استثنائية في عواقبها الكارثية. حظيت طريقة الإصلاحات الهيكلية المتبعة في اليمن باهتمام بالغ خلال العقدين الماضيين، وأسهمت -بالطبع جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى- في خلق مجتمعات سياسية ضعيفة، مع تفاقم النزاعات بين الجماعات العرقية المختلفة، ما يمهد الطريق للحرب الأهلية وحتى الإبادة الجماعية في ظل ظروف قاسية. وأبرز هذه الحالات، على سبيل المثال، هي رواندا، لأن الإصلاحات بها مماثلة للمفروضة على اليمن، وقد أسهمت مهمة في تمهيد الطريق للإبادة الجماعية عام 1994. ومع ذلك، على الرغم من أن النيوليبرالية أصبحت بالنسبة للكثيرين في العقود الأخيرة مرادفًا لتفاقم عدم المساواة والفقر والاستغلال الاقتصادي والاستعماري الجديد، فإن مساهمتها في تهيئة الظروف لحدوث كوارث إنسانية واسعة النطاق لا تزال مخفية إلى حد كبير. توفر حالة اليمن، للأسف، ميدان واسع لتحليل هذه الديناميكية المأساوية.


الحواشي:


باحث في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية (JISS). مؤسس إدارة الدفاع الصاروخي في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وكان مسؤولًا عن تطوير، وإنتاج أنظمة الـ “Arrow Weapon system”. وتم تعيينه فيما بعد مدير رفيع في مجلس الأمن القومي، كما أنه أدار برنامج تطوير أنظمة السلام في الصناعة الجوية، وحاز على جائزة “أمن إسرائيل” مرتين عام (1996م – و2003م).

باحث وكاتب رأي سياسي إماراتي حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء. كاتب مقالات في العديد من الصحف والمواقع الإليكترونية العربية والدولية. عضو في نادي الصحافة ببروكسل، ونادي لندن للصحافة، والاتحاد العام للصحفيين العرب، وجمعية الصحفيين في الإمارات، وعضو بالمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن (تشاثام هاوس)، وجمعية الإمارات لحقوق الإنسان.      

إعلامي اسرائيلي. ولد في القدس في عام 1957. والتحق بسلاح المخابرات في الجيش الإسرائيلي. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا في صوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.

معلق عسكري وأمني في موقع “زمن إسرائيل”. زميل باحث في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب (تكنولوجيا المعلومات والاتصالات).

إعلامي اسرائيلي. ولد في القدس في عام 1957. والتحق بسلاح المخابرات في الجيش الإسرائيلي. درس اللغة العربية وآدابها في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل مراسلًا في صوت إسرائيل بالعربية عام 1983، واعتُمد مراسلًا لشؤون الضفة الغربية في القناة الأولى.

وُلد في 25 سبتمبر 1952 لأبوين من أصول بولندية هاجروا إلى فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي. خدم مدة 25 عامًا في المخابرات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي حيث تخصص في الجماعات الإسلامية، والخطاب السياسي للدول العربية، والصحافة العربية ووسائل الإعلام، والساحة المحلية السورية. عمل المستشرق “مردخاي كيدار” محاضرًا في قسم اللغة العربية في جامعة بار إيلان، وزميلًا باحثًا في مركز بيجين-السادات للدراسات الاستراتيجية في الجامعة ذاتها.

نشر مركز صنعاء للدراسات هذا التقرير في 21 مارس 2021، وكان بعنوان: تداعيات الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية، وهو ضمن سلسلة من المقالات والتحليلات المختلفة. انظر: https://sanaacenter.org/ar/translations/13550

زميل باحث في منتدى التفكير الإقليمي. يُدرِّس شموئيل لدرمان في قسم التاريخ والفلسفة، والدراسات اليهودية في الجامعة المفتوحة، وفي البرنامج الدولي لدراسات الهولوكوست في جامعة حيفا.


معركة مأرب: نقطة تحوّل في حرب اليمن | مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية

https://sanaacenter.org/ar/translations/13973