أشار موقع جلوبس، في 7 سبتمبر 2025، إلى أن الحوثيين تمكّنوا من استهداف مطار في إسرائيل للمرة الثانية في أربعة أشهر، ولم تُطلق صفارات الإنذار. هذه المرة كان الهدف مطار رامون.
وذكر موقع جلوبس إلى أن صفارات الإنذار تُفعَّل سواءً كان السبب تهديد صاروخي أو طائرات مسيّرة، لكن الهجوم على المطار كان سببه عدم اكتشافه من قبل.
قبل ساعة تقريبًا من الضربة، رُصدت ثلاث طائرات مسيّرة في طريقها إلى إسرائيل عبر سيناء، وجرى اعتراضها -ولا يُستبعد أن يكون هدفها تشتيت نظام الاعتراض. عمومًا، يتبع الصاروخ مسارًا محددًا، ولذا التصدي له أسهل من الطائرات المسيّرة، لأنها مناوِرة، وأصغر حجمًا، وتحلّق على ارتفاع منخفض، وفي مسار متغيّر. في الوقت نفسه، تتميز الطائرات المسيّرة بانخفاض التوقيع الراداري (SAR)، أي أن انعكاسها الراداري منخفض، وكل هذه العوامل مجتمعة تصعّب من اكتشافها.
أما بشأن عدد محاولات الحوثيين التي أسفرت عن أضرار لإسرائيل، أشار الموقع إلى أن أول وآخر هجوم حوثي حتى الآن أودى بحياة إنسان كان في يوليو 2024، عندما ضربت طائرة مسيّرة من طراز “صماد 3” مبنى في تل أبيب، مما أسفر عن مقتل يفغيني فريدر، البالغ من العمر 50 عامًا. وصلت تلك الطائرة المسيّرة من البحر، دون أن تكتشفها إسرائيل. الهجوم على رامون هو الغارة السادسة في إسرائيل إجمالًا، والثانية التي ينجح فيها الحوثيون في ضرب مطار في إسرائيل -بعد الصاروخ الباليستي الذي أصاب مطار بن غوريون في مايو.
هل تمتلك إسرائيل القدرة على اعتراض الطائرات المسيّرة؟
نعم، لقد أثبت نظام القبة الحديدية، سواءً كان بريًا أو بحريًا، قدرته على التصدي للطائرات. ومع ذلك، صُممت هذه الأنظمة أساسًا لمواجهة تهديدات الصواريخ على مدى يصل إلى 40 كيلومترًا. ويرجع سبب أهميتها في بعض حالات تهديدات الطائرات المسيّرة إلى أن القبة الحديدية والقبة البحرية ليستا نظامي اعتراض ” Hit to Kill”، أي أنهما لا يصيبان الهدف لإسقاطه، بل ينفجران بجواره.
إلى جانب ذلك، يستخدم سلاح الجو طائرات، وطائرات مسيّرة، ومروحيات لاعتراض هذه التهديدات. تبلغ تكلفة كل وحدة منها حوالي 30 ألف دولار، لكن المشكلة تكمن في أن تكلفة تشغيل الطائرة المسيّرة -دون احتساب الأسلحة -تكاد تساوي تكلفة التهديد.
لذلك، تستخدم المنظومة الأمنية أيضًا وسائل أرخص بكثير، ومن بينها تقنيات الطيف المتطورة، التي تُشكل طبقة حماية إضافية لمواجهة الطائرات المسيّرة -فهي تعتمد على استخدام وسائل تكنولوجية متقدمة لتحديد التهديدات الجوية وتحييدها في الوقت المناسب. ينسّق قسم الدفاع السيبراني وتكنولوجيا المعلومات في الجيش الإسرائيلي جهودهما في مجال الطيف الترددي. وتعمل منظومة الحرب الإلكترونية على حجب وتشويش شبكات الاتصالات المختلفة، ومن بينها الترددات اللاسلكية والخلوية.
الحوثيون يُشكلون تحديًا استراتيجيًا لإسرائيل
في سياق متصل، قال العميد احتياط تسفيكا حايموفيتش -قائد منظومة الدفاع الجوي السابق والمستشار الاستراتيجي حاليًا، على موقع يسرائيل هيوم، في 7 سبتمبر 2025، إن الحوثيين انخرطوا في قتال إسرائيل بعد اكتسابهم خبرة عملياتية كبيرة خلال حرب استمرت سبع سنوات في مواجهة السعودية. ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب: على الرغم من أنهم اعتمدوا في بداية مسيرتهم على قدرات وأدوات نُقلت أو هُرّبت من إيران، إلا أنهم صنعوا في السنوات الأخيرة صواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة على الأراضي اليمنية. إنهم أبعد ما يكونوا عن جماعة “إرهابية” من “ماضغي القات وساكني الكهوف”، كما وصفهم البعض خطأً في بداية الحرب.
وقال حايموفيتش إن الطائرة المسيّرة التي ضربت مطار رامون هي من طراز “صماد 3″، وهي طائرة حوثية الصنع تعتمد على خبرة إيرانية، قادرة على التحليق لمسافة تبلغ نحو 2000 كيلومتر وتحمل حوالي 30 كيلوغرامًا من المتفجرات، مع قدرات ملاحة وتوجيه. وقد لمسنا النتيجة جيدًا. إنه تهديد سبق للجيش الإسرائيلي وسلاح الجو مجابهته عشرات المرات، بمعدلات نجاح مرتفعة جدًا حتى الآن.
يتعلم الحوثيون ويصقلون عملياتهم. في عملية اليوم، شاهدنا تحليق أربع طائرات مسيّرة بشكل منسق، على المسار الغربي. اعترض سلاح الجو ثلاثًا منها وأسقطها، بينما انطلقت الرابعة، في وقت لاحق وعلى مسار مماثل، شرقًا وضربت مطار رامون.
وقال إن مهارة الحوثيين تنعكس في أسلوب تنفيذ التهديدات، واختيار المسارات، وتوقيت العمليات، وأهداف الهجوم، ونطاقات العمليات. في كل بُعد من هذه الأبعاد، يمكن ملاحظة التغيير ومحاولتهم سبر نظام الجيش الإسرائيلي وتحديه.
حتى في اليوم الذي تنتهي فيه حرب غزة ويتوقف الحوثيون عن استخدام أسلحتهم، فإن هذا لا يعني زوال التهديد، ولا ينبغي لإسرائيل التعامل بهذه الطريقة. سيظل التحدي القادم من اليمن يلاحقنا ويؤثر على تصور إسرائيل الأمني، وكيفية تعاملها مع تهديد كبير من جماعة أو دولة تبعد 2000 كيلومتر عن حدودنا.
يشكّل الحوثيون تهديدًا تكتيكيًا. إنهم ليسوا من بين أكثر التهديدات تطورًا في الساحة، لكنهم استهدفونا مجددًا -كانت الحادثة الأولى هي فشل اعتراض الصاروخ الذي سقط بالقرب من مطار بن غوريون -دليلًا على أن التهديد التكتيكي قد يتحول إلى مشكلة وتحدٍ استراتيجي. إن احتمالية الضرر المباشر وغير المباشر من إصابة هدف استراتيجي هائلة.
وأوصى حايموفيتش بضرورة شن حملة على الحوثيين بصورة متواصلة، وعدوانية وبالتزامن، عبر تصفية القادة، وتدمير سلسلة إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتدمير قدرات إطلاقها وبنيتها الأساسية. لا مناص من صقل القدرة الهجومية، التي يجب أن تقترن بممارسات سياسية للضغط وتحقيق نتائج فعّالة في مواجهة الحوثيين.
أحمد الديب
باحث في الشأن الإسرائيلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق