ذكر موقع ماكو العبري، في 5 سبتمبر 2025، أن الحوثيين زادوا من إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل بعد أن هاجم سلاح الجو الإسرائيلي تجمع لكبار المسؤولين ومقتل رئيس وزرائهم ومعظم الوزراء. بدلًا من إطلاق صاروخ كل بضعة أيام أو أكثر، أصبحوا يطلقون عدة صواريخ يوميًا. معظم هذه الصواريخ سقطت في الطريق؛ بسبب أعطال أو اعترضتها أنظمة الدفاع الجوي.
يقول مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إن هدف الحوثيين الأساسي في هذه المرحلة هو إرساء حالة من الإرهاب الصاروخي، وتعطيل حياة المدنيين الإسرائيليين، إضافة إلى التسبب بأضرار اقتصادية. تدرك المؤسسة الدفاعية أنهم مهتمون بالانتقام إلى حد كبير، ويبدو أن هذه مرحلة بينية في طريقهم إلى ذلك. كما يعترف الجيش الإسرائيلي بأنه على الرغم من زيادة القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن، فإن منظومة صواريخ الحوثيين لا تزال “تشكل تحديًا”، كما وصفها ضابط استخبارات، الذي، بسبب ضغط النظام، يقلل من أهمية الفشل الإسرائيلي في هذا الصدد.
وأوضح مصدر في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن الحوثيين شهدوا تحولًا عالميًا، و”تحولوا من قبيلة محلية إلى فاعل على الساحة الإقليمية”. وكشف أن جهاز الاستخبارات والمؤسسة الأمنية كانا على علم بمساعدة الإيرانيين لليمن عبر قائد فيلق القدس منذ عام 2014. وأضاف: “لم ننظر إليها على أنها تهديد لنا، وأشارت التقييمات القليلة التي أُجريت في هذا السياق إلى أن هذا التهديد موجه إلى السعودية ودول الخليج”.
فيما يتعلق بترسانة الحوثيين، قال المصدر الاستخباراتي إنها “تتطور وتتحسن بوتيرة سريعة وخطيرة. لقد وسّعوا مدى الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، وأنظمة أخرى. يعود ذلك غالبًا إلى تقليل وزن الرأس الحربي، أو استبداله برأس حربي إنشطاري بقدرة تسليحية أصغر”. وتابع: “هذا قلل من احتمالية الضرر الذي يمكن أن تُسببه الصواريخ والطائرات المسيّرة”، مضيفًا أنه “منحهم أسلحة يمكنها الوصول إلى إسرائيل بكميات كبيرة”.
وذكر موقع ماكو أن مشكلة إسرائيل الرئيسة، كانت ولا تزال، هي قلة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة عن اليمن. كانت التغطية شبه معدومة، واعتمدت إلى حد كبير على ما تُسميه الاستخبارات العسكرية “شركاء”، أي معلومات استخباراتية من دول أجنبية. سرعان ما ضاقت الفجوة، مما سمح بالقضاء الناجح على رئيس الوزراء الحوثي ومعظم وزرائه. إضافة إلى ذلك، كانت إسرائيل تُفكر في تكبيد الحوثيين خسائر اقتصادية، لكن هذا لم يُجدِ نفعًا حتى الآن.
وعزا الموقع صعوبة تصدي الاستخبارات الإسرائيلية لمنظومة صواريخ الحوثيين في اليمن إلى عدة أسباب، مثل جغرافية اليمن، وسهولة تنقل منصات الإطلاق، وأسباب ثقافية تتعلق بالتركيبة القبلية وكيفية توزيع الصواريخ ومنصات الإطلاق.
اليمن بلدٌ جبليٌّ شاسع، يضم عددًا هائلًا من الأنفاق والمخابئ الطبيعية. يستغل الحوثيون التضاريس لإخفاء منصات الإطلاق وصواريخهم بها، وهناك، كما هو الحال في لبنان وغزة، يختبئون أيضًا داخل القرى النائية الكثيرة، بين المدنيين الذين يستخدمونهم كدروع بشرية. إن هذه التضاريس، وكثرة القرى، وسهولة تنقّل منصات الإطلاق التي تخرج قبل وقت قليل من الإطلاق، تُعوق قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية المتنوعة، ومن بينها أحدث التقنيات.
ومن المشاكل الرئيسة الأخرى طريقة تشغيل منظومة الصواريخ في اليمن، التي تختلف تمامًا عن التي واجهتها إسرائيل في إيران ولبنان. على عكس المنظومة الإيرانية ومنظومة حزب الله، التي جرى تشكيلها كالقوة العسكرية النظامية، من حيث المقرات، وأنظمة الاتصالات، والوحدات وغيرها، فإن الحوثيين يمارسون نشاطهم بين القبائل والعائلات، وهو ما يشكل صعوبة في اختراق القبيلة والعائلة.
كما أن هيكل القيادة الذي يُصدر أوامر الإطلاق ووجهته يعمل وفقًا للمناخ القبلي، كما في العصور الوسطى. والقيادة أيضًا مصطلح له دلالة كبيرة في وصف هذه المنظومة. وأوضح مصدر استخباراتي في الجيش الإسرائيلي: “لا توجد فرق أو فصائل. لقد كلفوا مجموعة من أفراد قبيلة أو عائلة مسؤولية عدد من منصات الإطلاق”. وأضاف: “من العسير للغاية تقديم تحذيرات استخباراتية بشأن عمليات الإطلاق من اليمن”. نحن نتغلب على هذه المشكلة بالتكنولوجيا التي تمكننا من رصد عمليات الإطلاق بعد ثوانٍ فقط من تنفيذها”.
أحمد الديب
باحث في الشأن الإسرائيلي
إسرائيل أوهمت قادة الحوثيين بغياب معلومات استخباراتية عن مواقعهم - مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية
https://sanaacenter.org/ar/translations/25471
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق