ذكر
موقع i24news، في 24 نوفمبر 2025، أن
مدينة عدن، التي كانت يومًا ما مركزًا تجاريًا لشبه الجزيرة العربية، تواجه حاليًا
انهيارًا اقتصاديًا بطيئًا ومدمرًا. تبخرت الرواتب، والعملة في تراجع مستمر،
وتكاليف المعيشة ترتفع أسبوعًا بعد الآخر.
ولكن خلافًا
للمعارك التي تتصدر عناوين الأخبار، فإن أزمة عدن صامتة، وحساسة، ومدمرة - تحدث في
المنازل، والأسواق، والدوائر الحكومية.
إن شريان الحياة
لأي مجتمع - رواتب القطاع العام- على وشك الانهيار. ظل المعلمون، والجنود، والطاقم
الطبي والإداري في مناطق سيطرة الحكومة شهورًا بدون رواتب. وحتى عندما يستلموها
فإنها تكون قد فقدت كثيرًا من قيمتها بسبب الانخفاض المستمر في قيمة الريال
اليمني.
تعتمد كثير من
العائلات حاليًا على الاقتراض، أو بيع ممتلكاتهم الشخصية، أو التقليل من وجبات
الطعام.
لا تزال
عائدات النفط، التي كانت تمثل سلفًا العمود الفقري للنظام المالي الحكومي،
مُجمّدة. أدت هجمات الطائرات المُسيّرة الحوثية على موانئ التصدير في شبوة وحضرموت
إلى توقف شحنات النفط الخام، مما أدى إلى تجفيف أهم مصدر موثوق للعملة الصعبة.
تصف الشركات المحلية، من متاجر البقالة الصغيرة
إلى شركات الاستيراد، الوضع بأنه لا يطاق. انقطاع الكهرباء يُؤدي إلى ارتفاع
تكاليف التشغيل. يسعى المستوردون بشق الأنفس لتأمين الدولار بأسعار مُستقرة.
المستثمرون الذين عدوا عدن بوابةً للتجارة الجنوبية يترددون الآن، خوفًا من انهيار
مفاجئ للنظام المصرفي أو عدم الاستقرار السياسي.
الأثر
الإنساني شديد، لكن لا يعلن عنه بشكل كافٍ. يؤكد العاملون في مجال الصحة أن حالات
سوء التغذية بين الأطفال في مناطق سيطرة الحكومة تتزايد باطراد، ليس بسبب النزاع
بل بسبب الشلل الاقتصادي.
في غضون ذلك،
تستمر الاحتجاجات في جميع أنحاء عدن، حيث ينزل موظفو القطاع العام، والمتقاعدون،
والعائلات إلى الشوارع مطالبين بصرف رواتبهم المتأخرة منذ فترة طويلة. ويقول
المتظاهرون إنه لا خيار أمامهم سوى الاحتجاج بعد أشهر من صمت السلطات.
تتصاعد
التوترات الاجتماعية؛ المتقاعدون يقطعون الطرق، والمعلمون يُضربون، وأفراد الأمن
يتحدثون عن عدم صرف مستحقاتهم. لا يرى جيل الشباب اليمني أي مستقبل في مدينة لا
يمكنها ضمان فرص العمل، والاستقرار، والخدمات العامة الأساسية.
تؤكد السلطات
المحلية والحكومة المعترف بها دوليًا أنها تبذل جهودًا لإعادة هيكلة موارد الدولة
المالية، ورقمنة الجباية، ومكافحة الفساد.
لكن في غياب
اتفاق سلام وطني وسياسة اقتصادية موحدة، تُصبح هذه الجهود أشبه بحلولٍ مُرقعة على
سفينةٍ تغرق.
ويبقى السؤال
الجوهري: هل عدن قادرة على مواصلة أداء مهامها في ظل هذا المستوى من الضغط
الاقتصادي دون اتفاق سلام يُعيد تنشيط عائدات الدولة؟
يُحذّر
الخبراء من أن الفرصة تتضاءل. يحافظ السلام الهش على تماسك المدينة اليوم، ولكن
الانهيار الاقتصادي يُهدد بتفكيك حتى آخر المؤسسات العاملة.
عدن لا تنهار
في لحظةٍ مأساويةٍ واحدة، بل تنهار ببطء، راتبًا تلو الآخر، ومنزلًا تلو الآخر.
إذا لم يُعالج قادة اليمن والمجتمع الدولي الملف الاقتصادي بالسرعة التي يستحقها،
فلن يكون سقوط المدينة مجرد تكهن. بل سيكون ببساطة فصلًا جديدًا في قصةٍ طويلةٍ
ومؤلمة.
أحمد الديب
باحث في الشأن الإسرائيلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق