الجمعة، 12 ديسمبر 2025

أفعال الحوثيين: حول ما يروى لنا وما يخفى عنا

ذكر موقع نتسيف نت، في 28 أكتوبر 2025، أن أنباء عن انشقاق قادة وحدات حوثية (من قادة سرايا إلى قادة ألوية) قد انتشرت في الأسابيع الأخيرة، غير أنهم لا يتطرقون كثيرًا إلى مساعي الحوثيين لكبح موجة الانشقاقات، إذ لا تقتصر جهودهم على تحليل أسباب انشقاق القادة، أو تصحيح الوضع وتحسينه، بل، كما هو معروف، يستخدمون القوة ويرهبون كل من تُساوره فكرة الانشقاق، وهو يعلم أن حياة عائلته المباشرة والواسعة في خطر.

من أمثلة ذلك حالة "عبده أحمد عبده عوض"، الذي كان قائد سرية في اللواء السادس "كرار" التابعة للحوثيين، وانشق إلى كتائب العمالقة الجنوبية أول أمس. بعد ساعات من الانشقاق، داهمت جماعة الحوثي "المجرمة" بقيادة قائد اللواء قريته، جبل سليم، في منطقة مقبنة بمحافظة تعز. اقتحم "إرهابيو" جماعة الحوثي المنازل، وضربوا النساء والأطفال، وأطلقوا النار فوق رؤوس المدنيين، واعتقلوا ثلاثة مدنيين من عائلة المنشق الأخير، كما نفذوا اعتقالات في قرى أخرى في المنطقة.

لسنوات، أخبرونا عن قيام الحوثيين بتعطيل مرور السفن التجارية في مضيق باب المندب، وإطلاقهم صواريخ وطائرات مسيرة انتحارية لضرب السفن المرتبطة وغير المرتبطة بإسرائيل، كما رووا لنا في بعض الأحيان عن زرع الحوثيين كثير من الألغام البحرية في مياه البحر الأحمر، غير أنهم نادرًا ما يخبرونا عن عدم توفر بيانات أو إحصاءات رسمية منتظمة بشأن عدد قتلى الصيادين اليمنيين. خلال العقد الماضي، شهدنا عددًا من هجمات الألغام البحرية، ويشير البعض في اليمن إلى أن الصيادين يُقتلون يوميًا تقريبًا، ووفقًا لتقارير منظمات حقوق الإنسان، قتل أكثر من مائة صياد يمني -في السنوات الثلاث الأولى من زرع الحوثيين للألغام البحرية، من عام 2015 إلى عام 2018 - بسبب الألغام البحرية الحوثية، بعضها محلي الصنع وبعضها مصنوع في إيران.

من الأمثلة على ذلك ما حدث يوم الجمعة الماضي، حيث قُتل ثلاثة صيادين من عائلة واحدة بعدما أصاب لغم حوثي قاربهم، فتحرك من مكانه وانجرف إلى شواطئ جزيرة كمران. أود الإشارة إلى أن هذه هي أول حالة مُبلّغ عنها منذ اتفاق وقف إطلاق النار في أبريل 2022، كما أود أن أضيف أنه قبل بدء الحرب، كان في اليمن أكثر من نصف مليون صياد، معظمهم من قرى الصيد الفقيرة على طول الساحل اليمني الممتد على مسافة 2500 كيلومتر، الذين يعتمدون في معيشتهم بالكامل على صيد الأسماك، وبعضهم من مدن مثل مدينة المخا الساحلية، حيث يعتمد نحو 70% من السكان على صيد الأسماك لكسب رزقهم.

شغّل الصيادون التقليديون في اليمن أكثر من 32 ألف قارب صيد، وكثير منهم أعضاءً في 146 جمعية صيد. شكلت صناعة صيد الأسماك التقليدية أهميةً كبيرةً في الناتج المحلي الإجمالي لليمن، حيث بلغ إنتاج الصيد نحو 200 ألف طن سنويًا، وكان دخل صادرات الأسماك في المرتبة الثانية بعد صادرات النفط. منذ بدء الحرب، انخفض إنتاج الصيد إلى نحو 60 ألف طن، واحتاج مئات الآلاف من الصيادين إلى مساعدات من منظمات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية من دول الخليج.

أذكركم أنه بالإضافة إلى الألغام البحرية، كتبتُ مرارًا أن الحوثيين يزرعون الألغام والعبوات الناسفة في جميع أنحاء اليمن، ويشمل ذلك المناطق المحيطة بالآبار، والطرق الجبلية، وفي المناطق الزراعية، وعلى السواحل، وبسببها قتل وجرح أكثر من عشرة آلاف مدني، بينهم نساء وأطفال.

كما تعلمون، يختطف الحوثيون عمال منظمات الإغاثة المحلية والدولية، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، ومؤخرًا، أدان العالم الحوثيين على عمليات الاختطاف، وطالبت الأمم المتحدة أخيرًا الحوثيين بالإفراج عن عمالها المختطفين، لكن إدانة الأمم المتحدة ومطالبتها لا تمنع الحوثيين من مواصلة اختطاف عمال منظمات الإغاثة والأمم المتحدة.

يوم الجمعة الماضي، اختطف الحوثيون مجددًا ستة موظفين في برنامج الغذاء العالمي، وموظفًا في اليونيسف، اختطفوا أمس ثلاثة موظفين آخرين من برنامج الغذاء العالمي، امرأتان ورجل، وكانت ذريعة اختطافهم هذه المرة أنهم يعملون لمصلحة إسرائيل، وهي ذريعة دأب الحوثيون على استخدامها في عمليات الاختطاف الأخيرة، بعد اتهام موظفي الأمم المتحدة بالتجسس لمصلحة إسرائيل، بما في ذلك تقديم معلومات عن مكان مسؤولين حوثيين كبار.

وقعت عمليات الاختطاف الأخيرة بعد أيام قليلة من إجلاء الأمم المتحدة 12 موظفًا أجنبيًا من صنعاء، وفي 18 أكتوبر، اختطف الحوثيون أيضًا 15 موظفًا من الأمم المتحدة، وأجلت الأمم المتحدة 13 عاملًا أجنبيًا عبر مطار صنعاء، ووفقًا لتقارير في الصحافة اليمنية، يحتجز الحوثيون حتى اليوم 63 موظفًا من الأمم المتحدة.

ماذا تفعل الأمم المتحدة؟ لم تُعلّق المنظمة بعد على عمليات الاختطاف التي وقعت في الأيام الأخيرة، ولكن عقب اختطاف واعتقال موظفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أعلنت المنظمة أنها أوقفت مشاريعها في مدينة صنعاء القديمة، المدرجة على قائمة التراث العالمي، وفي جميع المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، ونقلت جميع مشاريعها من المناطق التي تسيطر عليها الجماعة إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القوات المدعومة من الإمارات تسيطر على حزام النفط في الجنوب ما يُعيد تشكيل الحرب وميزان القوى في الخليج

قال جيمس جين على موقع جيروزاليم بوست، في 10 ديسمبر 2025، إن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، شنّ هجومًا عسكريًا في جنوب اليمن، ...