الاثنين، 9 يونيو 2025

تداعيات معركة طوفان الأقصى من المنظور الإسرائيلي... اجتماعيًا وسياسيًا وعسكريًا

 

تداعيات معركة طوفان الأقصى من المنظور الإسرائيلي... اجتماعيًا وسياسيًا وعسكريًا

 

مقدمة:

أدرك كثير من الإسرائيليين مخاطر الحكومة الحالية بقيادة "بنيامين نتنياهو" قبل تشكيلها لتطرف بعض أعضاءها، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي الحالي، إيتمار بن جفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش،[1] وهي ما استدعت "داني حالوتس"، الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي، للتعبير عن قلقه من احتمالية تولي "بن جفير" اليميني المتطرف حقيبة وزارية في الحكومة، وقال إنه مصدوم للغاية، وحذر من إمكانية اندلاع حرب أهلية في إسرائيل لو حاول تنفيذ أفكاره المرعبة.[2] ولفت آخرون إلى أن إسرائيل تتجه نحو الفاشية وطالبوا بمواجهة هذا المشهد المُخيف؛ لأن صعود اليمين المتطرف خطر حقيقي لا يمكن الاستخفاف به وخاصة في ظل تداعيات حصول أتباع مئير كهانا[3] على مقاعد في الكينيست واعتماد الحكومة عليهم.[4]

ضربت الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو بعد تشكيلها، في ديسمبر 2022، جميع الأعراف الدولية عرض الحائط ونفذت أجندتها التي ألهبت مشاعر المسلمين عمومًا والفلسطينيين على وجه الخصوص، وامتعاض الغرب ومن بينها: اقتحام المسجد الأقصى، وتحويل باحاته إلى ثكنة عسكرية، ومنع المصلين من الصلاة فيه، والمطالبة بهدمه لبناء هيكلهم على أنقاضه،[5] واستهداف عناصر المقاومة الفلسطينية، وهدم المنازل، والعقاب الجماعي المتمثل في حصار قطاع غزة، وتزايد النشاط الاستيطاني المدفوع بفكر ديني عنصري، والحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية وحرف الأنظار عنها دوليًا، فضلًا عن عمليات التطبيع التي استشعرت منها فصائل المقاومة تحييد القضية الفلسطينية وربما وأدها مستقبلًا، ومن هنا أدركت المقاومة التي وقعت بين شقي رحى بأنه لا مندوحة من تنفيذ عملية نوعية لتحريك هذا المشهد المتقد وسط انسداد سياسي لحلحلة مجريات الأحداث، وخاضت بالفعل في فجر السابع من أكتوبر 2023 معركة "طوفان الأقصى" للزود عن حياض الوطن.

وقد نكأت المقاومة الفلسطينية بهذه المعركة جروحًا إسرائيلية قديمة، أهمها الانتصارات التي حققتها مصر في السادس من أكتوبر عام 1973، واستخدمت تكتيك المباغتة الذي شل مفاصل إسرائيل لعدة ساعات، وأطلقوا وابلًا من الصواريخ مما سهل لهم التسلل إلى الداخل الإسرائيلي جوًا وبرًا. وأشارت التقديرات آنذاك إلى مقتل ما لا يقل عن 250 إسرائيلي، وإصابة ما يربو عن 1590 من بينهم أكثر من 280 شخص في حالة خطرة أو حرجة، واختطاف عشرات الجنود والمدنيين واقتيادهم إلى غزة.[6] وفي الوقت ذاته شن الجيش الإسرائيلي[7] "عملية السيوف الحديدية"[8] لمواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية وتحقيق الردع، وحدد نتنياهو أهدافًا واضحة لإنهاء هذه الحرب تتمثل في هزيمة وسحق حماس، وتحييد قدراتها وسيطرتها على قطاع غزة، وإعادة المختطفين.[9]

وعلى ضوء ما سبق، تحاول هذه الورقة تسليط الضوء على مآلات وتداعيات هذه المعركة المتواصلة -حتى كتابة هذا التقرير- على إسرائيل وذلك على الصعيد الاجتماعي، والسياسي، والعسكري.

 

أولًا: الصعيد الاجتماعي

لا شك أن معركة "طوفان الأقصى" لها صدى واسع على المجتمع الإسرائيلي؛ لأنها تختلف اختلافًا كليًا عن سائر الحروب التي واجهتها إسرائيل من حيث الفترة الزمنية وحجم الخسائر، والتداعيات الإقليمية والدولية. ولذا سنحاول رصد تداعيات هذه الحرب على المجتمع الإسرائيلي من حيث الأضرار الاقتصادية، وانخفاض معدل الهجرة إلى إسرائيل، والهجرة المعاكسة من إسرائيل، والنزوح الداخلي الذي يعد اختراقًا للجسد الإسرائيلي والتماسك بين فئات المجتمع.

 

·        النزوح الداخلي:

بعد أن فاجأت كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس الجانب الإسرائيلي في 7 أكتوبر واختراقها لغلاف غزة والمستوطنات الإسرائيلية، وانتشار الهرج والمرج بين المواطنيين كان لزامًا على الحكومة الإسرائيلية إفراغ هذه المستوطنات -التي تتعرض لخطر محدق- من السكان لحمايتهم من صواريخ المقاومة.

وفي هذا الصدد، نشر "المعهد الأكاديمي روبين"[10] دراسة في 21 أكتوبر أشار فيها إلى أن إسرائيل تعرضت لفظائع مروعة لم تشهدها من قبل وتعيش في حالة صدمة؛ حيث تسببت الحرب في إجلاء زهاء 125 ألف مواطن من حوالي 30 مستوطنة متاخمة لغلاف غزة وسديروت في شمال إسرائيل إلى الجنوب، وتحولوا إلى نازحين يقيمون في الفنادق، وقرى الشباب، والشقق المؤقتة مع معارفهم أو عائلات أجنبية، ولا يعرفون موعدًا محددًا للعودة إلى بيوتهم، ويعاني كثير منهم جراء الأهوال التي عاشوها، وتدمير منازلهم، والبحث عن ذويهم المفقودين والمختطفين. ومع أن إسرائيل معتادة على الحروب إلا أن الوضع الحالي هو الأقسى منذ تأسيسها وأكثرها صدمة. وأشارت تقديرات في ديسمبر 2023 أن عدد من تركوا منازلهم وأجبروا على النزوح منذ اندلاع الحرب وبسبب القتال حوالي ربع مليون مواطن إسرائيلي.[11]

لم يسلم من نزح إلى الجنوب في مدينة أم الرشراش "إيلات" بالأمان؛ حيث استهدف الحوثيين في اليمن جنوب إسرائيل مرارًا بالصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيرة وهو ما زاد من معاناتهم.

ومن مخاطر النزوح الداخلي المتوقعة هو الإقدام على الهجرة العكسية والخروج من إسرائيل؛ لعدم توافر شرط الأمان الذي هو أساس الاستقرار، وكلما طال أمد الحرب فقد يسود الانطباع بأن إسرائيل غير قادرة أمنيًا على حماية وتأمين مواطنيها مما يقلل مستقبلًا من معدل الهجرة إليها.

ومن المهم التأكيد على أن هجوم 7 من أكتوبر قد ألحق أضرارًا نفسية بحوالي 625 ألف إسرائيلي وقد يصاب حوالي 390 ألف شخص بالتخلف العقلي، وهي إحدى الأسباب المباشرة لطوفان الأقصى على المجتمع الإسرائيلي. والأخطر هو فشل إسرائيل في التعامل مع هذه الظاهرة لأنها فريدة من نوعها، علاوة على مغادرة عشرات الأطباء في المجال النفسي إلى بريطانيا.[12]

 

·        المهاجرون الجدد والهجرة المعاكسة

يرتكز المشروع الإسرائيلي منذ إعلان قيام دولة إسرائيل، 14 مايو 1948م،  على الاستيطان. وتؤدي الوكالة اليهودية، والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والأحزاب الدينية الصهيونية تحديدًا دورًا كبيرًا في استقطاب يهود العالم. ووفقًا لبيانات وزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجدد، هاجر بين 7 أكتوبر 2023 إلى 30 أكتوبر 625 مهاجر جديد أغلبهم من روسيا، والولايات المتحدة، وأوكرانيا، وفرنسا.[13] وأرجع كثير منهم سبب الهجرة إلى الصهيونية.[14] وذكر موقع "يديعوت أحرونوت"، في يناير 2024، أن الوكالة اليهودية أعلنت عن وصول ما يربو على 3000 مهاجر جديد إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر.[15]

وفد كثير من المهاجرين إلى إسرائيل، في السنوات الأخيرة، من دول تعاني في الأساس من حروب، ولذا من المرجح أنهم يتعرضون لصدمات هائلة؛ بسبب الحرب الدائرة حاليًا بين الجيش الإسرئيلي والمقاومة الفلسطينية، والحرب التي لا تزال مشتعلة في موطنهم الأصلي، كما أن الوطن الجديد الذي هاجروا إليه يشهد حاليًا أخطر معركة في تاريخه تسببت في اختلال ميزان قوته وسمعته الخارجية عسكريًا وأخلاقيًا، فضلًا عن التشرذم والانقسام بين فئات المجتمع الذي كان سائدًا حتى قبل 7 من أكتوبر وخاصة بعد اعتلاء اليمين المتطرف سدة الحكم.

وتشير بيانات وزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجدد لعامي 2022- 2023 (حتى أغسطس 2023) أن 44% من المهاجرين قد استوطنوا في شمال وجنوب إسرائيل، ويمكن أن نستنتج أن بعضهم قد تحول بعد حرب "طوفان الأقصى" إلى لاجئين داخل إسرائيل. [16]

الدولة

عدد المهاجرين

عام 2022

عدد المهاجرين

عام 2023

إجمالي المهاجرين بالترتيب التنازلي

نسبة المهاجرين

روسيا

43584

28007

71591

63%

أوكرانيا

15037

1822

16859

15%

الولايات المتحدة

3215

1765

4980

3%

إثيوبيا

1512

1668

3180

3%

بلاروسيا

2192

1498

3690

3%

فرنسا

2113

751

2864

4%

الأرجنتين

1032

437

1469

1%

الهند

301

16

317

0%

إجمالي المهاجرين من ثمانية دول

68986

35964

104950

92%

إجمالي المهاجرين

74474

39332

113806

100%

عدد المهاجرين إلى إسرائيل من ثمانية دول بين عامي 2022- 2023 ([17])

 

يتضح من الجدول السابق أن معدلات الهجرة إلى إسرائيل قد تراجعت بوضوح خلال عام 2023. ولم تقتصر تداعيات حرب "طوفان الأقصى" على انخفاض معدل الهجرة إلى إسرائيل فحسب، بل أدت أيضًا إلى ارتفاع أعداد الهجرة المعاكسة من إسرائيل. ووفقًا لإحصاءات رسمية، غادر الآلاف منذ أكتوبر الماضي بعد إخلاء مستوطنات غلاف غزة، في ظل مواصلة استهداف تل أبيب والمدن الإسرائيلية بالصواريخ. وأبرز سبب للهجرة المعاكسة هو افتقاد الإسرائيليين للأمان؛ بسبب تزايد الهجمات، واعتماد حكومة نتنياهو على أحزاب التيار الديني واليمين المتطرف، التي ظهرت بعد نجاحه في الانتخابات الأخيرة حركة إسرائيلية أطلقت على نفسها اسم "لنغادر البلاد معا".[18] ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" في مارس 2023 فإن أكثر من 25% من اليهود يفكرون بالهجرة، في حين شرع 6% بإجراءات عملية لذلك.[19]

تشير بعض المصادر إلى أن الهجرة المعاكسة من إسرائيل -منذ بداية الحرب- تفوق مليون شخص، وهو رقم ضخم في بلد لا يتجاوز عدد سكانه اليهود 7.145 ملايين نسمة. وتؤثر هذه الهجرة العكسية على قطاعين رئيسيين في إسرائيل، أولهما نقص العمالة في القطاع الاقتصادي، والثاني متعلق بالقطاع العسكري الذي يعاني من رفض الالتحاق بالجيش لأسباب مختلفة.

 

·        الاقتصاد

نظرًا لأن الاقتصاد هو أحد الأعمدة والمؤشرات التي يتجلى فيها الرضا أو السخط المجتمعي، يمكن القول إن الاقتصاد الإسرائيلي تعرض لتحديات جمة، إما بالتكلفة المباشرة للحرب من زيادة ميزانية الجيش والتجنيد، واستدعاء زهاء 350 ألفًا من الجنود الاحتياط الذين يمثلون في الأساس قرابة 8% من القوى العاملة في إسرائيل، أو بالتكلفة غير المباشرة المتمثلة في تراجع قطاعات اقتصادية كبيرة، أهمها التكنولوجيا الفائقة الذي يعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد الإسرائيلي حيث يشكل 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 50% من الصادرات، وانخفاض موارد القطاع السياحي بنسبة 90%، وتراجع استخراج وتصدير الغاز الإسرائيلي، والانتاج عمومًا، كما ألقت الحرب بظلالها على صناعة الألماس ومخاوف من عدم استقرار السوق ومغادرة المستثمرين.[20]

 وتوقف أيضًا قطاع البناء الذي يعتمد عادة على العمالة الفلسطينية، بعد أن علقت إسرائيل منذ بداية الحرب تصاريح عمل لأكثر من 100 ألف فلسطيني، ناهيك عن مغادرة بعض العمال الأجانب.[21] ووفقًا لبيانات وزارة الاقتصاد، فإن صناعة البناء تفتقد الآن 79% من العمال، والأجانب، والفلسطينيين الممنوعين من دخول إسرائيل، وهو نقص قد يصيب الصناعة بالشلل، ويؤدي إلى انهيار شركات البناء، وتأخير البدء في أعمال البناء الجديدة، مما سيؤثر في النهاية على ارتفاع أسعار الشقق.[22]

كما تأثر المجتمع العربي في إسرائيل للغاية، حيث زاد معدل نمو البطالة بين الرجال في المجتمع العربي عن الرجال اليهود، وقد ينعكس هذا الانخفاض في تخوف العمال العرب من الوصول إلى أماكن عملهم، وتفضيل أرباب العمل اليهود عدم إعادة العمال العرب إلى عملهم وذلك لتدهور الوضع الأمني. كما يتعرض العرب في إسرائيل لعدة تحديات أخرى، أهمها إطلاق الصواريخ من الشمال والجنوب، ومحاولات تكميم الأفواه، والعنف والجريمة الذي كان يعاني منه قبل الحرب أيضًا، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الانقسام بين اليهود والعرب في اليوم التالي لما بعد الحرب.[23]

ويرى خبراء في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن حرب "طوفان الأقصى" تمثل صدمة للاقتصاد قد تمتد لسنوات؛ نظرًا لاستخدام الجيش الإسرائيلي ذخيرة بكثافة عالية أكثر من أي وقت مضى، وصواريخ "القبة الحديدية"، وصواريخ "السهم 3" باهظة الثمن[24]، والمساعدات المالية للعمال والشركات المتضررة من الحرب، وإعانات البطالة، والتعويض عن فقدان الدخل جراء القتال، وتراجع إيرادات الدولة إما بسبب انخفاض إيرادات ضريبة الدخل أو توقف الاستثمارات الأجنبية المباشرة.[25]

ومن العوامل التي أثرت أيضًا على الاقتصاد ما أشار إليه تقرير في ديسمبر الماضي، بأن الحكومة الإسرائيلية قد أجْلت 200 ألف إسرائيلي بسبب الحرب، من بينهم 130 ألف بأمر حكومي، ويقيم حوالي 80 ألف شخص، من أصل 130 ألف تلقوا تعليمات بالإخلاء، في فنادق على نفقة الدولة، وتدفع الحكومة أكثر من مليار شيكل (273 مليون دولار) شهريًا.[26]

كما كان للحصار البحري الذي فرضه الحوثي على السفن التي تبحر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تداعيات على إسرائيل وتحديدًا في ارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية والإليكترونية[27]، والمنتجات الغذائية[28]، وصادرات البوتاس[29]، والمعدات الطبية[30]، وسوق السيارات.[31]

ومن العلامات الفارقة التي توضح مدى تدهور الاقتصاد الإسرائيلي هو خفض وكالة "موديز" التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل بدرجة واحدة من A1 إلى A2 في فبراير 2024، وتحذير منتدى الأعمال الإسرائيلي من أنه "تطور خطير لم تشهده إسرائيل منذ 36 عامًا".[32] كما وضعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في 22 فبراير، أيضًا تصنيف الديون السيادية لإسرائيل "A+" تحت المراقبة السلبية.

ثانيًا: الصعيد السياسي

تداعيات معركة "طوفان الأقصى" على الصعيد السياسي في إسرائيل تعتمد على نتائجها، لأنها التي ستحدد المسارات السياسية فيما بعد. ويمكن تناولها على مستويين أساسيين، وهما:

 

أولًا: التداعيات الداخلية

لقد أبرزت الحرب الدائرة تخبط الحكومة الإسرائيلية في اتخاذ القرارات، والذي تبدى في استغراق وقت طويل في التعامل مع الهجوم، مما زاد من أعداد القتلى والمصابين، وسمح باحتجاز رهائن من المدنيين والجنود في غزة.

من المؤكد أن تداعيات هذه الاخفاقات سوف تطال نتنياهو وتؤثر سلبًا على الحكومة، لإخفاقهم في التنبؤ بكشف مخطط المقاومة رغم تحذيرات مسبقة من الاستخبارات الإسرائيلية تفيد بأن إيران وأذنابها قد يستهدفون إسرائيل نظرًا للتشرذم السياسي والاجتماعي السائد"[33]، فضلًا عن حسم المعركة التي طال أمدها بل وتعدى الأمر إلى تكبيدهم خسائر فادحة. ويشير استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف إلى أن 80% من المجتمع الإسرائيلي يرون أن نتنياهو هو المسؤول عما حدث في غلاف غزة،[34] ولذا يجب محاسبته. وقد دعا عضو الكنيست يوآب سيجلوفيتس عن حزب "يش عتيد" إلى تصويت على سحب الثقة في اليوم التالي للحرب، وقال لا ينبغي أن يكون نتنياهو رئيسًا للوزراء.[35] كما تعددت اقتراحات سحب الثقة من أحزاب مختلفة، وورد فيها أن حكومة نتنياهو تمنع التوصل إلى أي اتفاق لإعادة الرهائن ضمن عملية تبادل الأسرى، لأن استمرار الحرب يسهم في بقاءها.[36] كما طالب عدد من رؤساء الأحزاب ومن بينهم أفيجدور ليبرمان، بضرورة تشكيل حكومة جديدة لعجز هذه الحكومة على قيادة الشعب.

وما يدل على السخط الحزبي على نتنياهو ما قام به تامير عيدان رئيس المجلس الإقليمي سدوت نيجف بتقديم استقالته على الهواء من حزب الليكود الحاكم، ودعا كل أعضاء اللجنة المركزية للاستقاله نظرًا لفشل نتنياهو وحكومته الذريع.[37]  كما دعا يائير لابيد، زعيم المعارضة في إسرائيل، إلى إقالة حكومة نتنياهو وتشكيل حكومة بديلة، وقال إن نتنياهو فقد ثقة غالبية الإسرائيليين، ويقود إسرائيل من كارثة إلى أخرى.[38]

وقد أشارت عدة تقارير إلى وجود خلافات مستعرة بمجلس الحرب الإسرائيلي بسبب الحرب في غزة، وطريقة إدارة نتنياهو وانفراده بتنفيذ بعض القرارات التي أثارت غضبهم. وقد تجلى هذا الخلاف أيضًا في العملية العسكرية المتوقعة للجيش الإسرائيلي في رفح، حيث ساد شعور في الجيش وفي صفوف المسؤولين بأن نتنياهو يستعد لإلقاء المسؤولية على جهاز الأمن.[39] ويرى البعض أن سبب هذه الأزمات هو خوف نتنياهو من أن يعزى الإنجاز إلى بيني جانتس، الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي، في الوقت الذي يحاول فيه تحسين صورته.[40]

وتعد قضية الأسرى المختطفين لدى حماس وضغط ذوويهم على الحكومة من الموضوعات الشائكة التي تؤثر على السياسة الإسرائيلية، ويشير استطلاع للرأي أجرى مؤخرًا أن 51% يعتقدون أن عودة المختطفين يجب أن تكون الهدف الرئيس، بينما يرى حوالي 36% ضرورة أن تكون هزيمة حماس هي الهدف الأسمى.[41] ولكن مع إطالة أمد الحرب والفشل في إعادة المختطفين تعمل الحكومة الإسرائيلية على تهيئة الرأي العام في الداخل بأن الهدف الأسمى هو تصفية قيادات حماس والقضاء على الحركة، وهو ما عبر عنه وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش مؤخرًا عندما قلل من أهمية إعادة الرهائن، مما أثار حفيظة ذوويهم واعتذار رئيس الدولة لهم.[42]

ومما يزيد من تعقيد قضية الأسرى ما قالته حماس بأنها ستستمر في احتجاز الجنود الإسرائيليين حتى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، بينما قال نتنياهو إن لإنهاء الحرب خط أحمر ولن يتجاوزه، ويرى أن الرضوخ لمطالب حماس يعني هزيمة إسرائيل.[43]

وفي ظل تقاعس الحكومة تنطلق إسبوعيًا تظاهرات في الساحات الإسرائيلية تطالبهم بالتحرك لإعادة الرهائن، وأطلقت مؤخرًا تظاهرة بعنوان "134 مخطوف- 134 يوم" احتجاجًا على قرار نتنياهو بعدم إرسال وفد إسرائيلي للتفاوض على صفقة إطلاق سراح السجناء في القاهرة.[44]

يحاول نتنياهو إلقاء كرة النار على الجهات الأمنية في إسرائيل وتحميلها مسؤولية هجمات 7 أكتوبر، والفشل أيضًا في دحر المقاومة حتى لا يتحمل المسؤولية السياسية وهو ما تلقفه كثير من خصومه، وزعموا أن سياسات الحكومة هي السبب الرئيس في شن هذه الهجمات، وأنهم حذروا الحكومة قبل اندلاعها.

ثانيًا: التداعيات الإقليمية والعالمية

حقق نتنياهو انجازات كثيرة لإسرئيل وخاصة في مسار التطبيع، وحاولت إسرائيل ما قبل 7 أكتوبر توصيف ذاتها بأنها قوة عظمى تمتلك أسلحة فتاكة لا مثيل لها، وجهاز استخباراتي متطور، وبدأت في عرض مساعدتها وإبداء المشورة لحلفائها في المنطقة، ولكن اتضح بعد هذا الإخفاق الجسيم أنها نمر من ورق، وهو ما يؤثر سلبًا على نظرة دول المنطقة لها.

من أهم تداعيات هذه الحرب على المستوى الإقليمي هو منع تدفق عمليات التطبيع، بل والعودة إلى النقطة صفر شعبيًا، فضلًا عن التباين بينها وبين مصر والأردن في مسالة تهجير الفلسطينيين، ومعارضة القاهرة اجتياح رفح جنوبي قطاع غزة المحاذية للحدود المصرية ومحور فلادلفيا والذي تعتبره خطًا لا يمكن تجاوزه، وأنها مستعدة للتعامل مع كل السناريوهات. كما أقدمت مصر على تقديم مذكرة أمام محكمة العدل الدولية حول الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي أول مواجهة بين مصر وإسرائيل منذ قضية طابا، بعدما حكمت المحكمة الدولية، في 29 سبتمبر 1988، بأحقية مصر في طابا.[45]

وعلى الصعيد الإيراني، يقول داني سيترنوفيتش في صحيفة معاريف، إن تجنب إيران استخدام القوة المباشرة لمواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة يقلل من احتمالات الاشتباك، ولكن في ظل الفهم بأن إيران تواصل مساعدة وكلاءها عسكريًا وأمنيًا واستخباراتيًا فإنها تتعرض لخطر كبير منذ تصاعد المواجهة بين وكلاء إيران والولايات المتحدة، ومع أن الجانبين لا يرغبان في خوض معركة مباشرة، إلا أنهما قد يجدان صعوبة في تجنبها لفترة طويلة. [46]

ولقد حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، في تقييم خاص للوضع في شهر رمضان من أن إيران وحزب الله وحماس يسعون إلى استغلال شهر رمضان لتنفيذ المرحلة الثانية من حرب 7 اكتوبر وإشعال المنطقة، وقال "لا يجب أن نلبي لحماس ما فشلت في تحقيقه منذ بداية الحرب.[47]

رغم التضامن الواسع واللامحدود من الولايات المتحدة والغرب لإسرائيل والإعلان دومًا في جميع المحافل الدولية بأحقية إسرائيل في الدفاع عن نفسها ووصف حماس بأنها داعش وإرهابية، إلا أن الفشل العسكري، وعدم حسم المعركة، والتظاهرات التي تجتاح دول الغرب بسبب الانتهاكات الإسرائيلية ساعد على محاولة كبح جماح إسرائيل وانتقادها، وهو ما دفع دولة جنوب إفريقيا إلى مقاضاة إسرائيل في محكمة العدل الدولية ورفعت دعوى تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، ودفع أيضًا الرئيس البرازيلي إلى طرد سفير إسرائيل من بلاده، وشبَّه ما تقوم به إسرائيل بمحرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وأن ما يحدث ليس حرب جنود ضد جنود بل حرب بين جنود ونساء وأطفال. [48]

ومن هنا يتضح أن حرب طوفان الأقصى لها تأثير جلي على الصعيد السياسي الداخلي والخارجي في إسرائيل، وقد تعصف على الصعيد الداخلي بمستقبل نتنياهو السياسي وحكومته في اليوم التالي من الحرب، أما خارجيًا، فقد خفت نبرة التأييد ولو نسبيًا لتصاعد التظاهرات، وإطالة فترة الحرب، والشعور بأن الغرض منها هو ضمان بقاء نتنياهو.

 

ثالثًا: الصعيد العسكري

وفقًا للتقديرات الإسرائيلية، اختطفت المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر-تطلق عليه إسرائيل السبت الأسود، أو 11 سبتمبر-  253 مدنيًا وجنديًا، وقد أعادت إسرائيل حتى الآن 112 مختطفًا على قيد الحياة، و43 قتيل ومتوفى، كما استردت جثامين 11 شخص، ولا يزال في الأسر 134 آخرين.[49] وقد بلغ عدد القتلى حتى الآن 1510، وأصيب 14.391، وأطلق على إسرائيل أكثر من 11 ألف رشقة صاروخية.[50]

15

جدير بالذكر أن إسرائيل تكبدت في يوم العملية أكبر عدد خسائر في يوم واحد منذ عام 1948، إذ بلغ عدد قتلى الجنود الإسرائيليين خلال 15 عامًا من الحرب في جنوب لبنان (1986- 2000) نحو 300 قتيل، بينما تجاوز 300 خلال خمسين يومًا فقط من الحرب الدائرة.[51]

ومن تداعيات طوفان الأقصى على الصعيد العسكري هو معرفة مزايا وعيوب الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، حيث تبين انهيار هذه المنظومات (القبة الحديدية، ومقلاع داوود، والسهم 2، 3) عند إطلاق عدد كبير من الصواريخ وأنها لا تعمل بكفاءة وتصل هذه الصواريخ في أحيان كثيرة إلى أهدافها. وعلى مستوى العتاد، لقد دمرت المقاومة دبابات من نوع "ميركافا"[52] (فخر الصناعة الإسرائيلية) بقذائف "الياسين 105" محلية الصنع، وناقلات الجند الإسرائيلية بقذيفة "تاندوم"، كما دمرت مدرعات النمر  المصفحة باستخدام صاروخ من طراز "كورنيت".[53]

كما اهتزت صورة الجيش الإسرائيلي وقياداته على المستوى العالمي نظرًا لاستخدام القوة المفرطة، والأسلحة المحرمة دوليًا[54] في قتل المدنيين[55] بدعوى أنها تقضى على البنية التحتية العسكرية، والحكومية لحركة حماس لتحرير الرهائن. بالإضافة إلى تصريح وزير الدفاع يوآف جالانت بأنه سيفرض حصارًا شاملًا على غزة يشمل الماء، والكهرباء، والغذاء والوقود.[56] وهو ما يعد انتهاكًا لجميع الأعراف الدُولية وبمثابة جريمة حرب، وقد وصفتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنها تصريحات مقززة.[57]

كما أبرزت أيضًا صورة الجندي الإسرائيلي وهو يتفاخر بسرقة ونهب المباني السكنية دون خجل، وكتابة عبارات عنصرية على الجدران، وهو ما انعكس في خطاب رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليڨي، لجنوده بالابتعاد عن مثل هذه التصرفات؛ لأنها أصبحت مادة إعلامية مهمة لإدانة إسرائيل أمام العالم.[58]

ومن أهم ما كشفت عنه معركة طوفان الأقصى هو إخفاق الجيش الإسرائيلي في حرب المدن، التي هي أشبه بمصيدة تقتنص فيها المقاومة جنود الجيش الإسرائيلي ودباباته، ويعد الغضب من عدم تحقيق إنجازات حقيقية هو المحرك الأساسي لشن غارات كثيفة لإفراغ غزة من سكانها وتهجيرهم نحو الأردن ومصر حتى يتسنى لها التحرك في مناطق أوسع وتحقيق هدفها باتساع الرقعة الإسرائيلية وإنهاء القضية الفلسطينية برمتها.

 

فشل سياسة الردع الإسرائيلية

تكمن مصادر تهديد الأمن الإسرائيلي بالمعني العسكري في (1): تهديد نشطاء المقاومة المستمر (2): التهديد العسكري من أحد الجيوش العربية (3): التطويق العسكري لوكلاء إيران في المنطقة وهو أخطر ما تخشاه إسرائيل؛ لأنه سيؤدي إلى توسعة الحرب إقليميًا وترى إسرائيل فيه خطرًا وجوديًا. لقد وصلت إسرائيل في النقطة الأولى والثانية إلى منطقة الراحة، وفيما يتعلق بحماس تجلى في المناقشات التي أجراها مسؤولون في الجيش الإسرائيلي[59] قبل زهاء أسبوعين من بدء الحرب بأنها غير مهتمة بالتصعيد.

وهذا الاستخفاف أو الأمان الذي اطمأنت له إسرائيل كان السبب فيما تعرضت له من فشل استخباراتي وأمني ذربع، وهو ما أكد عليه الدكتور أمير لوبوفيتش بأن "طوفان الأقصى" عملية غير مسبوقة من حيث نطاقها، وجرأتها، والأضرار التي خلفتها، وأرجع ذلك إلى الشعور الزائف بالأمن الناجم عن مفهوم الردع الإسرائيلي، وتحديدًا فكرة أنه باستخدام الأسلحة الفتاكة في الحرب السابقة يمكن تحقيق الردع في المستقبل.[60]

والردع في العقيدة العسكرية الإسرائيلية يعني كلما زادت معاناة الفلسطينيين تقلصت فكرة استهداف إسرائيل والتعايش مع أنها قوة مهابة لا يمكن هزيمتها، وقد نجحت حماس في خداع القيادة الإسرائيلية بأنها غير معنية بالتصعيد بل مهتمة أكثر بالعامل الاقتصادي والحصول على تصاريح للعمالة الفلسطينية للعمل في إسرائيل.

ومن الدلائل المهمة على القصور الإسرائيلي هي جرأة الحوثيون وإعلانهم الحرب على إسرائيل، واستهداف جنوبها بالصواريخ، وفرض حظر على سفنها، وهو أمر لم يحدث من قبل رغم تكرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.

وتشهد العمليات العسكرية انقسامًا في إسرائيل حيث يرى البعض وأغلبهم من اليسار ضرورة وقف الحرب للحد من تداعياتها المترامية والدفع نحو حلول سياسية تفضي إلى إعادة المختطفين، بينما يرى آخرون ومن بينهم رئيس الأركان الإسرائيلي أن القتال هو الحل لإعادتهم، ويبالغ البعض بضرورة البقاء في غزة، وإعادة بناء المستوطنات، واحتلال جنوب لبنان.

يسخر الكثيرون في إسرائيل من ترديد نتنياهو شعار "النصر المطلق" في هذه المعركة لأن الحروب لا تحل النزاعات. وقال اللواء احتياط يوسي بيلد إن الأزمة الحالية تكمن في تعريف المصطلحات، وأن كلمة "النصر" تناسب كرة القدم، أما بالنسبة للأهداف العسكرية فهي هل حققت ما ترنو إليه أم لا.[61]

وقال الطيار الحربي والدبلوماسي الإسرائيلي الأسبق "ديفيد إيفري" إن إسرائيل تدخل حاليًا في "حرب استنزاف"، وتسائل إلى متى سنكون قادرين على النجاة من ذلك، وكيف تفعل ذلك عندما ترفض الحكومة الحديث عن الحلول السياسية.[62]

وقد حذر اللواء المتقاعد إسحاق بريك، قادة إسرائيل من شن عدوان على رفح، وأوضح أن الحل هو الدفع قدمًا نحو اتفاق لإعادة الرهائن للخروج من هذا الوضع، ولو دخلنا إلى رفح لن ننجح في القضاء على حماس بل سنكون في وضع أمني أصعب بأضعاف من الوضع الحالي.[63]

ويمكن القول إن إسرائيل لم تُحقق أيًا من أهدافها إما باستسلام حماس ورفع الراية البيضاء، أو إعادة الرهائن أو حتى تحديد مواقعهم، أو القضاء على المقاومة التي لا تزال صامدة وتطلق الصواريخ والقذائف على إسرائيل وتنفذ عمليات من المسافة صفر تحرج الجيش الإسرائيلي.

 

خاتمة:

من خلال ما سبق يمكن القول إن إسرائيل خسرت سمعتها الاستخباراتية والعسكرية من حيث قصورها في التنبؤ بالتهديد، وحسم المعركة مع تفوقها العسكري الملحوظ، ولم تستخلص الدرس وتفادي أسبابه. وتكمن المشكلة الأساسية في أن إسرائيل لا ترى الطرف الآخر في صراعها وتتعنت في حرمانه من حقوقه، وتصر على يهودية الدولة، وإذا أراد الفلسطينيون إقامة دولة لهم فلتكن في بلدان عربية حيث التشابه في الدين واللغة، وهذا هو الأجحاف بعينه.

تراهن إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة على معاناة الشعب الفلسطيني والضغط على قيادات حماس السياسية للرضوخ أمام ارتفاع أعداد القتلى ونسبة الدمار، وسياسة التجويع التي تنتهجها بحق المدنيين.

تتعمد إسرائيل تدمير أكبر قدر من البنية التحتية لغزة حتى يستغرق التعمير أعوامًا طويلة، وتنشغل المقاومة عن فكرة شن هجمات عليها مرة أخرى، كما تغامر بإلقاء الشعب الفلسطيني اللوم على قيادات حماس لما تعرضوا له من مأسي.  

لو نجحت إسرائيل في القضاء على حركة حماس سياسيًا فإنها ستفشل في القضاء على عناصرها، لأن المقاومة فكرة والأفكار لا تموت، ولذا فإن الحل الأمثل للخروج من هذه المعضلة هو الوقف الفوري لإطلاق النار، والالتزام الإسرائيلي بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية وفقًا للمواثيق الدولية، وإزالة المستوطنات، وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقتهم جراء هذا العدوان الغاشم، مع ضرورة خروج نتنياهو من المشهد السياسي لأنه أساس عرقلة كل ما سبق.

 

أحمد الديب/ باحث في الشأن الإسرائيلي

 هذا التقرير جرى كتابته بعد  4 أشهر من طوفان الأقصى (7 أكتوبر 2023).



[1] - جدير بالذكر أن بتسلئيل سموتريتش أعلن عام 2017 عن خطة لحل الصراع مع الفلسطينيين؛ أطلق عليها خطة "الحسم"، ويرى ضرورة تهيئة المجتمع الإسرائيلي لأخذ قرار بإنهاء الصراع لا إدارته، وتوعية الجمهور بأنه لا مكان في "أرض إسرائيل" لحركتين وطنيتين متناقضتين، ولذلك يكمن الحل في إفقاد الفلسطينيين أي أمل في إقامة كيان وطني خاص بهم، وذلك من خلال "الحسم" الاستيطاني، وتشجيع الهجرة، والأهم من ذلك "الحسم" العسكري.

للمزيد انظر: بدر، د. أشرف عثمان، "ورقة علمية: قراءة تحليلية في خطة "الحسم" لحزب الصهيونية الدينية"، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 8 أبريل 2023، (تاريخ الدخول: 17 فبراير 2024): https://short-url.uk/yCpD 

[3] - ولد في نيويورك عام 1932، وهاجر إلى إسرائيل عام 1972، وبدأ بحملات إقناع عرب في إسرائيل والضفة الغربية بترك البلاد. وأسس حركة سياسية وحزبية باسم "كاخ" ووضع في بيانها التأسيسي أسسًا عنصرية ضد العرب في إسرائيل، ومن أبرزها دعوته إلى الترانسفير (الترحيل).

للمزيد انظر: منصور، د. جوني، "معجم الأعلام والمصطلحات الصهيونية والإسرائيلية"، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار، الطبعة الأولى، تشرين الثاني 2009، ص354، 361.

[4] - الديب، أحمد، "فلسطينو 48 بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان المقاطعة"، مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم، 10 نوفمبر 2022، (تاريخ الدخول: 17 فبراير 2024):  https://shortlink.uk/AG7D

[5] -"العام 2023... انتهاكات ما أقساها على الأقصى!"، مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، 30 يناير 2024، (تاريخ الدخول: 17 فبراير 2024): https://shortlink.uk/yYwf

[6] - "מתקפת הפתע על ישראל: לפחות 250 נרצחים, עשרות חטופים ובני ערובהגלובס، 7 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 16، 2024) מתוך: https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001459573

[7] - זיתון، יואב، "צה"ל הכריז על מבצע "חרבות ברזל"; יותר מ-2,200 שיגורים בארבע שעותידיעות אחרונות، 7 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 16، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yCxk

[8] - أراد البعض تغيير اسم "السيوف الحديدية" لأنه اسم عملية وليس حربًا، واقترحوا عدة مسميات، من بينها: حرب "سمحات التوراة"، أو "7 أكتوبر"، أو "حرب غزة"، أو حرب التكوين "بريشيت"، وهو اسم سفر توراتي، وهو كناية عن خلق واقع جديد، والفصل بين النور والديجور، والخير والشر، والهمجية والحضارة، وقال من فضل استعمال "بريشيت" التي تعني بالعبرية "في البدء"، أنها تشبه اسم مسلسل: الموسم الأول: هو غزة. الموسم الثاني: لبنان، الموسم الثالث: اليمن، والموسم الرابع: إيران.

للمزيد انظر: אביטן כהן، שירית ، "חרבות ברזל" או "בראשית"? מאחורי הקלעים של הקרב על שם המלחמהישראל היום، 28 בדצמבר 2023، (אוחזר בפברואר 16، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yA9o

[9] - אקרמן، ליאור، "עושים סדר: זו הסיבה שפרצה מלחמה חרבות ברזל- וכך היא תסתיים"، מעריב، 23 ב נובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 16، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yCy3

[10] - תלמי- כהן، ד''ר רוית، צ'אצ'אשווילי- בולוטין، ד''ר סבטלנה، "פליטים בארצם (עקורים) בישראל בעקבות מלחמת "חרבות ברזל": תמונת מצב ועקרונות ראשונייםהמכון האקדמי רופין، 21 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yFx7

[11]  "מספר המהגרים מבתיהם בישראל נאמד בכרבע מיליון תושבים לפחותביזנעס، 18 בדצמבר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/yYUq

[12] - "השלכות המלחמה על בריאות הנפש נחשפות: "עד 625 אלף איש צפויים לסבול מנזק"، ישראל היום، 27 בדצמבר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/ANvr

[13] - "עלייה בצל המלחמה: 625 עולים חדשים עלו לישראל מתחילת מלחמת חרבות ברזלמשרד העלייה והקליטה، 31 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://short-url.uk/AmUC

[14] - איתיאל، יואב، בצל המלחמה, "מאות עולים מצפון אמריקה נחתו בישראל: מערך הרפואה מרוויח בגדולוואלה، 1 בינואר 2024، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yFQQ

[15] - פוהורילס، יניב، "הנתונים נחשפים: כמה עולים הגיעו לארץ מתחילת המלחמה?" ידיעות אחרונות، 2 בינואר 2024، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://short-url.uk/AmSX

[16] - "נתוני עלייה לשנת 2022 - סיכום שנתימשרד העלייה והקליטה، 22 בינואר 2024، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yHSx

ראו גם: תלמי- כהן، ד''ר רוית، צ'אצ'אשווילי- בולוטין، ד''ר סבטלנה، "ממלחמה למלחמה –עולים חדשים במלחמת "חרבות ברזל"، המכון האקדמי רופין، 27 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://short-url.uk/AoY4

[17] - "נתוני עלייה לשנת 2022 - סיכום שנתימתוך: https://short-url.uk/yHSx

[18] - "الهجرة العكسية للإسرائيليين تتزايد ومغردون: كابوس يلاحق قادة تل أبيب"، الجزيرة نت، 14 ديسمبر 2023، https://short-url.uk/Apw1

[20] - نصري، نصار، "صناعة الألماس في إسرائيل: انخفاضات حادة وخسائر بمليارات الدولارات"، i24 نيوز، 8 ديسمبر 2023، (تاريخ الدخول: 20فبراير 2024)، https://short-url.uk/At6C

[21] - How the costs of Israel’s war on Hamas in Gaza are mounting, Washington post, December 31, 2023, “accessed February 20, 2024", https://short-url.uk/ySCG

[22] - "עובדים זרים בישראל בזמן חרבות ברזלN12، 16 בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yMGG

[23] - אסעד، ד"ר אדם، "האתגר המשולש של החברה הערבית במלחמת "חרבות ברזל"، המכון הישראלי לדמוקרטיה، 16 בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yIi0

[24] - يكلف الصاروخ الواحد من منظومة القبة الحديدية مبلغ 30 ألف دولار ، بينما يكلف الصاروخ من منظومة مقلاع داوود 700 ألف دولار، أما السهم 2 يقدر بنحو 1.5 مليون دولار، والسهم 3 حوالي 2 مليون دولار.

انظر: الديب، أحمد، "الرد على الحوثيين: جدلٌ محتدمٌ في إسرائيل"، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 12 ديسمبر 2023، (تاريخ الدخول: 20فبراير 2024)، https://short-url.uk/Atod

[25] - פדלון، תומר، "מלחמת "חרבות ברזל" - החזית הכלכלית והשלכותיההמכון למחקרי ביטחון לאומי، 25 בדצמבר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yM7P

[26] - Lefkovits, Etgar, “Tourism to Israel collapses as war rages”, JNS, December 19, 2023, “accessed February 20, 2024", https://short-url.uk/At1I

[27] - "עד כמה האיום החותי עלול להשפיע לנו על הכיס?themarker ، 29 21  בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 20، 2024) מתוך:  https://short-url.uk/yNcT

[28]- "יעקבי-הנדלסמן، היאלי، "ויליפוד מעלה מחירי מוצרים עד 15%: "בלית ברירה, עקב המלחמה והמשבר שיצרו החות'ים"، ישראל היום، 24 בינואר 2024، (אוחזר בפברואר 20، 2024) מתוך: https://short-url.uk/Ausz

[29] - גביזון، יורם، "החות'ים מאיימים על שליש מיצוא האשלג של איי.סי.אל מישראלthemarker،21  בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 20، 2024) מתוך:   https://short-url.uk/yMQ8

[30] - Houthi attacks in Red Sea delay arrival of critical Yad Sarah medical equipment, the times of israel, 21 January 2024, “accessed February 20, 2024", https://short-url.uk/Au8F

[31] - "עיכובים והתייקרות הביטוח: כך צפויה להשפיע חטיפת הספינה על שוק הרכבגלובס، 19 21  בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 20، 2024) מתוך: https://short-url.uk/AurY

[32] - Wrobel. Sharon, “After Moody’s downgrade, government urged to rethink wartime budget priorities, times of Israel, 11 February 2024, “accessed February 20, 2024", https://short-url.uk/yLLK

[33] - "אמ"ן הזהיר את נתניהו פעמיים בכתב: "איראן, חיזבאללה וחמאס זיהו את חולשת ישראל", והוא התעלםוואלה، 21 בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/AG9J

[34] - כהן، משה، " נתונים חסרי תקדים: גנץ פותח פער על נתניהו בהתאמה לראשות הממשלה، מעריב، 20 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/yYyb

[35] - "באופוזיציה יודעים איך להפיל את נתניהו ביום שאחרימעריב، 20 בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/yYyC

[36] - "محاولة جديدة بالكنيست لحجب الثقة عن حكومة نتنياهو"، الجزيرة نت، 28 يناير 2024، (تاريخ الدخول: 20 فبراير 2024)، https://shortlink.uk/AGb4

[37] - "בשידור חי: ראש מועצה מהדרום הקריא את מכתב ההתפטרות שלו מהליכודN 12، ، 1 בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/yYOa

[38] - "لبيد: نتنياهو غير مؤهل لمنصبه ويقود إسرائيل من كارثة لأخرى"، الجزيرة نت، 1 فبراير 2024، (تاريخ الدخول: 20 فبراير 2024)، https://shortlink.uk/yYQu

[39] - "تقرير عبري: خلافات بين نتنياهو ورئيس الأركان بشأن العملية العسكرية المتوقعة في رفح"، روسيا اليوم، 11 فبراير 2024، (تاريخ الدخول: 20 فبراير 2024)، https://shortlink.uk/yYIA

[41] - "סקר ינואר 2024: 71% מהציבור תומכים בהקדמת הבחירותהמכון הישראלי לדמוקרטיה، 6 בפברואר 2024، (אוחזר בפברואר 20، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/yYL5

[42] - "سموتريتش يثير غضب ذوي المخطوفين بتصريحات تقلل من أهمية إعادتهم وهرتسوغ يعتذر بالنيابة عن شعب إسرائيل"، i24 نيوز، 21 فبراير 2024، (تاريخ الدخول: 21فبراير 2024)، https://shortlink.uk/AGnK

[43] - "הלחץ עובד? חמאס הסכים להוריד את דרישותיו בעסקת החטופים | דיווחמעריב، 6 בפברואר 2024، (אוחזר בפברואר 21، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/yYMw

[44] - "זעקת משפחות החטופים: "לא יהיה חילוץ צבאי ל-134 חטופים. אל תשפטו אותם למוות"، ידיעות אחרונות، 17 בפברואר 2024، (אוחזר בפברואר 19، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/AOqA

[46] - "תקרת הזכוכית האיראנית: האם בטהרן החלו סוף סוף לחשוש מישראל?מעריב، 3 בפברואר 2024، (אוחזר בפברואר 21، 2024) מתוך: https://cuts.top/znJx

[47] - "גלנט מזהיר: איראן מנסה להפוך את רמדאן לחלק השני של 7 באוקטוברN12، 27 בפברואר 2024، (אוחזר בפברואר 21، 2024) מתוך: https://cuts.top/znJ4

[53] - "مدرعة النمر.. كلفت إسرائيل 3 ملايين دولار ودمرها "كورنيت" القسام"، الجزيرة نت، 6 نوفمبر 2023، (تاريخ الدخول: 18 فبراير 2024)، https://cuts.top/znYS

[54] - يؤكد المرصد الأوروبي لحقوق الإنسان: "أن طائرات الاحتلال أسقطت في الأسبوع الأول من العدوان على قطاع غزة ما يفوق ربع قنبلة نووية".

للمزيد انظر: https://shortlink.uk/z5Fg

[55] - أسفرت هذه الانتهاكات، حتى 19 فبراير 2024، إلى استشهاد أكثر من 29 ألف فلسطيني وإصابة نحو 69 ألف آخرين، نسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء، هذا إلى جانب الدمار الشامل الذي لحق بالبنية التحتية لغزة.

للمزيد انظر: https://site.moh.ps/index/ArticleView/ArticleId/6645/Language/ar

[59] - יואב זיתון, עינב חלבי، "בימים שלפני מתקפת הפתע: בכירים בצה"ל אמרו לדרג המדיני שחמאס מורתעידיעות אחרונות، 7 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://short-url.uk/yFso

[60] - "המומחה שקובע: זו הסיבה שלמרות הסבבים התכופים מול חמאס, ההרתעה הישראלית נכשלהגלובס، 15 באוקטובר 2023، (אוחזר בפברואר 18، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/z5Pk

[61] - "למה אנחנו מתכוונים כשאנחנו מדברים על ניצחון - ומה יגרום לנו להרגיש שהפעם השגנו אותו?ישראל היום، 23 בנובמבר 2023، (אוחזר בפברואר 24، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/AOLN

[62] 'Israel's Existential Threat Is From Within': David Ivry, a Pillar of Israeli Defense for Decades, Tells All, haaretz, 23  Feb  2024, “accessed February 24, 2024", https://shortlink.uk/AOIx

[63]- "האזהרה של האלוף במילואים יצחק בריק: "אם לא נלך להסכם עם חמאס יהיו יותר אבדות"، N12، 19 בינואר 2024، (אוחזר בפברואר 24، 2024) מתוך: https://shortlink.uk/z5RL

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إسرائيل عالقة في غزة ولكنها تحقق أهدافها في ساحات أخرى بسهولة … الأسباب

بعد الانتصارات التي حققتها إسرائيل في ساحات عديدة، واتضح مدى اختراقها لحزب الله وتحييده، وانهيار النظام السوري، واستهداف الحوثيين في اليمن، ...