الجمعة، 24 مايو 2013

بعد عامان .. الثورة السورية تتحول من أزمة محلية إلى أزمة إقليمية


http://www.shbabalnil.com/?p=22029

بدأت المظاهرات في جنوب سوريا قبل حوالى عامين فى منطقة درعا وفى أعقاب اعتقال وتعذيب عدد من شباب قاموا برسم جرافيتي يشيد بروح الثورة التي ظهرت في تلك الفترة بالعالم العربي.

وكان الرد العنيف من المخابرات السورية ضد الشباب وإطلاق النار الحى على المتظاهرين , هو ما أشعل شعلة الربيع العربي فى سوريا . وقد تميزت المظاهرات فى العام الأول بالهدوء والسلمية ضد نظام بشار الأسد .

وقد احتج المتظاهرين على أربعين عام من الديكتاتورية والقمع الوحشي ضد المواطنين فى سوريا . ومن البداية اتضح أن الأغلبية السنية هذه المرة لن تستسلم ولن تتنازل , كما حدث بعد مجزرة ” حماة ” منذ ثلاثين عامًا مضت.

وعلى الرغم من اتخاذ خطوات لا مثيل لها من قبل النظام بتغيير الحكومة , والغاء قانون الطوارئ وتحرير الأسرى ومنح المواطنة للأكراد إلا أن الإحتجاجات لم تتوقف . وقد انتهت السنة الأولى بمقتل العديد من الآلاف.

وفى نفس الوقت أعلن زعماء العالم العربي أن نظام الأسد غير شرعي وعليه التوقف , كما أبعدت الجامعة العربية الممثلين السوريين . وأقيمت فى تركيا ” المجلس الوطني السوري ” كخيار للنظام السوري.

العام الثاني: من احتجاجات محلية إلى حرب إقليمية مسلحة

العام الثاني للثورة السورية كان مختلفًا كلية عن الأول حيث فى نهاية عام 2011 بدأ الجيش السوري الحر في التبلور من العراقيين ومن المتطوعين . وقد احتل الجيش السوري الحر مكان المتظاهرين أكثر واكثر فى قتالهم ضد النظام .

وكان نتيجة ذلك, قتل تقريبا عشرة أضعاف المواطنين والجنود السورين فى عام 2012 وبدأ تصعيد ملحوظ فى استخدام السلاح . كما استخدم النظام السوري القصف الجوي من طائرات حربية وفى الفترة الخيرة استخدم صواريخ سكاد ضد المتمردين.

وقد تميزت السنة الثانية من الثورة السورية بتقديم المملكة العربية السعودية وقطر الأسلحة للمعارضة عبر تركيا وتعزيز ” الجيش السوري الحر ” للسيطرة على أغلب شمال سوريا . , بالإضافة إلى أن الجيش السوري أقام عدة خلايا فى كل المدن المركزية وسيطر على مناطق واسعة .

واصبحت المدن فى الشمال إما فارغة تماما أو تم السيطرة عليها بأكملها، وهو الأمر الذى مكن من نقل مقر قيادة المتمردين من تركيا إلى منطقة شمال سوريا . وفى يوليو 2012 جاءت حادثة تبشر بالسنة الثالثة للثورة السورية وهى الهجوم على مقر الأمن السوري والذى اغتيل فيه مسؤولين فى وزارة الدفاع السورية بما فى ذلك وزير الدفاع “داوود راجحة”، وقد نفذ هذه العملية على ما يبدو جماعة الجهاد الخبيرة فى التفجيرات الإنتحارية والناشطة فى العراق وهو الأمر الذى بشر باستيراد الحرب السنية – الشيعية من العراق إلى سوريا .

بالقرب من العام الثالث : حرب عسكرية أم جهادية

بدأت الجماعات السنية الجهادية القادمة من العراق بإقامة فروع فى سوريا . وتعتبر منطمة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة هى اكبر المنظمات التى تعمل فى سوريا , كما تدير شبكة من المتطوعين فى لبنان . وقد أعلن زعماء التنظيم فى سوريا الجهاد ضد حزب الله الذى يساعد النظام السوري . وعلى الرغم من الضغوط الأمريكية والأوروبية على الجيش السوري الحر بإزالة الأعضاء التابعين للقاعدة من داخله , ولكن لم يوافق قاداته على ذلك وخاصة التابعين لجبهة النصرة .

ويعتبر لجوء جيش المتمردين إلى المنظمات الجهادية من الأخطاء الجسيمة على المدى القصير والطويل أيضا، حيث انهم يعتبروا عائق أمام المساعدات التى يتلقاها جيش المتمردين من الدول الغربية, بسبب خوفهم من سقوطها فى أيادي رجال القاعدة ثانيا , حتى لو سقط نظام الأسد ستكون هناك حرب داخلية بين المتمردين العلمانيين القوميين وبين الجهاديين الدينيين والذين لديهم اجندة تختلف كلية عنهم . حيث أن الجهاديين يرغبون فى إقامة الشريعة الإسلامية فى سوريا ومواصلة الجهاد لدى الجيران . ويعتبر سيطرة الجهاديين على سوريا تهديد لكل من هو ليس بمسلك سني داخل سوريا “مسلم شيعي , علوي , مسيحي ودورزى”، وعلى كل هذه الأقليات أن تدافع عن النظام القادم فى سوريا لمنع حرب أهلية ثانية .

وعلى عكس الأنظمة التى انهارت فى تونس , مصر , اليمن وليبيا , نجح النظام السوري فى البقاء للعامين الأوليين من الثورة . ويرجع السبب فى ذلك بلا شك إلى قادة الطائفة العلوية التى أعتبرت هذه الحرب إما نصر او موت، بجانب انضمام العلويين مع اصحاب المصالح العسكرية والاستراتيجية الذين يخشون انهيار النظام وهم : الإيرانيون والروس، ولكن يبدو أن الجيش السوري على الرغم من التفوق العددي واللوجستي , لم ينجح فى التعامل بنجاح مع أساليب حرب العصابات للجيش السوري الحر التابع للمتمردين , فى حين نجح المتمردين من إشعال الحرب فى قلب المدن الرئيسية .

لم يعزز إعلان مفتى النظام السوري الأسبوع الماضي روح المقاتلين . بل أدخلت ضغوط على كثير من العائلات السورية التى فسرت ذلك كتمهيد للتعبئة العامة . وقد هرب كثير من الأباء فى الفترة الأخيرة أبناءهم خارج البلاد خوفا من تجنيدهم .

غياب الدافع داخل المقاتلين غير العلويين وانشقاق الكثيرين من الجيش هى سبب أساسي فى ضعف الجيش السوري، وذلك وفقًا لما قاله بعض رجال الدين العلويين حينما دعوا النظام السوري الرئيس الأسد بوقف سفك الدماء قبل ان تجلب الكارثة على كل أبناء الطائفة.

لو لم يكن هناك أي تدخل خارجي في الأزمة, في العام الثالث للثورة ستزيد الحرب بين القوات الفرعية “جبهة النصرة” وبين حزب الله . وستواصل الثورة السورية تدفقها إلى غرب لبنان وشرق العراق .

ووفقا لتقارير المعارضة , عدد القتلى زاد عن 70 ألف وعدد اللاجئين زاد عن مليون . الثورة السورية تحولت من فترة إلى ازمة إقليمية والتى من الممكن ان تتحول قريبا إلى أزمة عالمية، عام آخر من سفك الدماء بين الطرفين من المحتمل ان يؤدى إلى نتائج غير متوقعة واكثر خطورة مما نعرفه.



ahmedeldeeb541@gmail.com




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق