الاثنين، 29 نوفمبر 2010

معنى الاسم " اسحاق "


 معنى الاسم  " اسحاق "


إسحاق (وترسم اسحق في المصحف) هو الابن الثاني لنبي الله إبراهيم عليهما السلام، رزق به من زوجه سارة وقد ناهزت التسعين،
عجوزاً عقيماً قد أيأستها السنون، وإبراهيم يومئذ قد بلغ المائة، فكان إنجابهما إسحاق في تلك السن آية من آيات رحمة الله بإبراهيم وأهل بيت إبراهيم: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} (72) سورة هود.

وإسحاق عليه السلام سمته الملائكة، لم تسمه أمه ولم يسمه أبوه كما يقول سفر التكوين. بل سمت الملائكة أيضا "يعقوب" بن إسحاق، ولم يولد بعد إسحاق. تجد هذا في قوله عزوجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود

******

وقد قالت الكثرة من مفسري القرآن (راجع تفسير القرطبي للآية 133 وما بعدها من سورة البقرة) بعجمة "إسحاق" ولم يتصدوا لتفسيره. إلا من شذ فحسبه من العربية، يشتقه من الجذر العربي "سحق" بمعنى بعد أشد البعد. وليس هذا بشئ لأنه يفسر الاسم بغير لغة صاحبه، فلا تلتفت إليه.

*******

"إسحاق" في القرآن هي تعريب "يصحاق" في التوراة. وهي صغية المضارعة في المفرد الغائب من الجذر العبري "صحق"، وقرينه في العربية الجذر العربي "ضحك". و"يصحاق" العبري إذن يعني "يضحك"، لا يراد منه الفعل، وإنما يراد منه الفاعل، ومن ثم معنى "اسحاق"، وهو "يصحاق" عبريا، الضاحك أو الضحوك، وقد سمى العرب بمعناه على المبالغة فقالوا "الضحاك".

والتسمية بالفعل المضارع يراد منه اسم الفاعل، شديدة الشيوع في العبرية كما مر بك في موضعه: رأيت هذا في "يشمعيل" (إسماعيل)، وتراه الان في "يصحاق"، أي إسحاق. وستجده كثيرا فيما يلي من أعلام التوراة.
علي أن لهذا نظائر بقيت في العربية كما مر بك، تجدها في أمثال "يزيد" وغيرها من أعلام الأشخاص والمواضع. والأصل في هذا كما مر بك أن الفعل المضارع يفيد الحال كما يفيد الاستقبال، أي "يضحك" وسيظل، فهو "ضاحك" و "ضحوك".

*******

أما التفسير القرآني لهذا الاسم العلم، فأنت تجده في قوله عزوجل: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} (71) سورة هود، أي ضحكت سارة وهي قائمة تخدم ضيف إبراهيم من الملائكة عجبا وحياء وهي تسمع من الملائكة بشري لإبراهيم بمولود يولد منها، وهي في تلك السن عجوز عقيم. وكأن ضحكها كان مناسبة يصاغ منها اسم المولود المبشر فقيل لها أضحكت؟ بشراك إذن "بالذي يضحك"، وهي "يصحاق"، اسم نبي الله إسحاق عليه السلام.

********

وربما قلت فلماذا جاءت "إسحاق" في القرآن بالسين، ولم تجئ على أصلها بالصاد "إصحاق"؟
قال هذا بالفعل بعض المستشرقين، مماحكة، كدأبهم في معارضة القرآن.
ولكنك تندهش إذ تعلم أن "يصحاق" هذه تجئ في عبرية التوراة بالسين كما تجئ بالصاد، والصاد أغلب، وأن "سحق" و"صحق" في المعجم العبري صنوان. وفي اللغة العربية تتعاقب السين والصاد مثل "السراط" و"الصراط" وقد قرئ بهما.

ولعلك تدرك معي أن تتابع الصاد والحاء والقاف في "يصحاق" قعقعة تنبو عنها موسيقي القرآن، لذا فقد عرب القرآن "إسحاق" عن "يسحاق" ولم يعربها عن "يصحاق" عالماً أنه لم يبعد، لوجود كلا الرسمين في عبرية التوراة.

لا يشاد القرآن أحد إلا غلبه القرآن، وسبحان العليم الخبير.


































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق